حاولت بعض الفرق البرلمانية ومنها فريق العدالة والتنمية المتزعم للحكومة مراقبة أموال الصناديق السوداء في الميزانية الملاية الجديدة، ولم يكتب للمبادرة النجاح. وعمليا، تبقى هذه المبادرة غير منطقية بحكم غياب مراقبة مسبقة وهي المراقبة السياسية والقضائية للأجهزة الأمنية والاستخباراتية.
والصناديق السوداء ترتبط عموما بتمويل العمليات التي تهم الأمن القومي العام سواء في مفهومه الواسع مثل بعض أنشطة المخابرات في الخارج أو النشاط المحدود مثل تأدية مرتب غير مصرح به لمتعاونين مع الشرطة في ترصد الإجرام.
ويشهد المغرب خلال السنوات الأخيرة نقاشا حول الصناديق السوداء من باب الالتزام بالشفافية دفاعا عن أموال الشعب خاصة في دولة مثل المغرب اغتنى بعض مسؤوليها بطريقة مدهشة.
ولا يمكن لمبادرة مراقبة الصناديق السوداء أن يكتب لها النجاح طالما لم يسبقها مراقبة سياسية وقضائية للأجهزة المعنية. ويعتبر الأمر صعبا للغاية في دولة مثل المغرب لا يتم فيها التصريح بالميزانية الحقيقية لأجهزة مثل الشرطة والمخابرات.
وفي الدول الديمقراطية، ومن ضمنها اسبانيا التي استعادت ديمقراطيتها سنة 1975، يتضمن قانون المالية الميزانية الحقيقية لمؤسسات الشرطة والجيش والمخابرات، وفي الوقت ذاته، يتم التنصيص على أموال الصناديق السوداء.
وفي حالة اسبانيا، تبلغ ميزانية المخابرات في هذا البلد الأوروبي 203 مليون يورو، أغلبها للتسيير بينما قرابة 20 مليون يورو تدخل في إطار الصندوق الأسود لتمويل أنشطة عادة ما يكون جزء منها على هامش القانون.
ويخضع الصندوق الأسود لمراقبة قضائية بحكم وجود مراقبة قضائية وبرلمانية مسبقة حول أنشطة المخابرات. ومن ضمن الأمثلة، فقد مثل مدير المخابرات العسكرية سانس رولدان أمام لجنة برلمانية مصغرة الأربعاء من الأسبوع الماضي لتقديم توضيحات حول أجندة العمل ونسبيا طريقة صرف أموال الصندوق الأسود بدون تدقيق حفاظا على سرية المعاملات.
وفي دولة مثل المغرب لا يمكن للبرلمان المغربي مراقبة أموال الصناديق السوداء ليس فقط بسسب غياب مراقبة قضائية وبرلمانية لأنشطة الأجهزة والمخابرات بل لطريقة اشتغال هذه الأجهزة. فجزء من عمل المخابرات في دولة مثل المغرب تغيب فيها الديمقراطية الحقيقية تكون الأحزاب الممثلة في البرلمان هدفا للتجسس، فكيف ستراقب من يتجسس عليها؟
في كل دول العالم التي تفتقد لديمقراطية حقيقية، لا يمكن نهائيا مراقبة الصناديق السوداء بسبب غياب مراقبة قضائية للأجهزة المستفيدة منها.