في خطوة مفاجئة، قررت الدولة المغربية السحب المفترض للدعوى التي رفعتها أمام القضاء الفرنسي ضد المغاربة الذين يحمل بعضهم الجنسية الفرنسية بتهمة التشهير بمدير المخابرات المدنية عبد اللطيف الحموشي وإحالتها على القضاء المغربي. ويبدو أن الهدف قد يكون هو تفادي حضور الحموشي أمام القضاء الفرنسي. وهذا التطور يجر الى تساؤل عريض: هل ستقدم الدولة المغربية على رفع دعاوي ضد الذين رفعوا دعاوي ضد مسؤولين مغاربة أمام القضاء الإسباني بتهمة التعذيب في ملف الصحراء المغربية؟
وتعود وقائع هذا الملف الى السنة الماضية عندما وضع بعض المغاربة الذين أدينوا في ملفات متعددة منها المخدرات مثل عادل المطالسي ونعمة أصفاري في ملف أحداث مخيم أكديم إيزيك دعوى ضد مدير المخابرات الحموشي بتهمة التعذيب. وحاول القضاء الفرنسي استنطاق هذا المسؤول يوم 20 فبراير الماضي عندما حل بالعاصمة باريس لحضور قمة أمنية. وفي اليوم الموالي 21 فبراير، وضع زكريا مومني دعوى ضد الحموشي يتهمه مباشرة بممارسة التعذيب عليه. وقد تبنت أمنستي أنترناشنال ملف زكريا مومني وجعلته رئيسيا في الحملة ضد التعذيب في المغرب.
وقرر المغرب يوم 25 مارس الماضي الرد بدعوى تتهم هؤلاء المغاربة والجمعية المسيحية لمناهضة التعذيب التي ساندت المطالسي وأصفاري بتهمة التشهير بمسؤول أمني مغربي، ولكن فجأة قامت بسحب الدعوى وتقديمها أمام القضاء المغربي الذي أجرى الجلسة الأولى الاثنين الماضي.
وبررت الدولة المغربية القرار بأحقية القضاء المغربي معالجة هذا الموضوع، والمثير في الأمر أن الأمر ينطلق بتتهمة التشهير وليس بفتح بحث أولي حول مزاعم التعذيب للتأكد من صحة وجودها أو نفيها.
ويبدو أن عوامل أخرى إضافية تحكمت في القرار المغربي منها أن قبوله بث القضاء الفرنسي كان يحتم سفر الحموشي السفر الى فرنسا وحضور جلسات الدعوى بصفته طرف مدعي في الدعوى التي رفعها المغرب ومدعى عليه في الدعوى التي رفعت ضده. ويقول محام مغربي لألف بوست “كان على المغرب منذ البدء اللجوء فقط الى القضاء المغربي وليس لعبة الغميضة مرة في فرنسا ومرة في المغرب، لأنه كان يعلم أن الدعوى في فرنسا سيترتب عنها ضرورة حضور الحموشي، وهذا الحضور فيه مغامرة طالما أن دعوى من هذا النوع تحضع لظروف مختلف منها الاستعانة بتقارير المنظمات الدولية والأمم المتحدة حول التعذيب”.
وبينما يتطور ملف الحموشي في علاقته بالقضاء، يحضر تساؤل آخر، لماذا يكتفي المغرب بالدعوى في حالة الحموشي ولا يعمل على مد هذه الدعوى الى حالة المغاربة الصحراويين الذين تقدموا بدعاوي أمام المحاكم الإسبانية ضد مسؤولين مغاربة على رأسهم ضباطا في الجيش.
ويذكر أن المغرب أقدم على تجميد اتفاقية التعاون القضائي مع فرنسا واشترط تعديلها لتفادي أحداث مثل متابعة الحموشي أمام القضاء الفرنسي، لكن حكومة باريس رفضت.