قرر البنك المركزي الأوروبي الخميس من الأسبوع الجاري وضع 400 مليار يورو رهن بنوك الدول الأعضاء في منطقة اليورو، ويهدف من وراء هذا القرض الضخم تنشيط الاقتصاد الأوروبي عبر تقديم قروض للشركات والعائلات لتفادي مزيد من الركود والانكماش المالي المتمثل في ضعف الاستهلاك الداخلي. وقد يستفيد المغرب من هذه القروض على شكل استثمارات خارجية.
واتخذ البنك المركزي الأوروبي الذي يديره ماريو دراغي أربعة إجراءات قوية لتنشيط الاقتصاد الأوروبي. ويتجلى القرار الأول في خفض سعر الفائدة على القروض الى 0،15% وهي أخفض نسبة فائدة في تاريخ البنك المركزي منذ إنشاءه، والإجراء الثاني هو تخصيص 400 مليار يورو قرضا للبنوك الأوروبية، والثالث هو استهداف الشركات والعائلات لتسهيل التمويل، وأخيرا فرض فائدة 1% على ودائع البنوك الأوروبية في البنك المركزي الأوروبي، وهذا يحدث لأول مرة لأنه لا يريد هذه الودائع راكدة بل يدفعها من وراء هذا الى الدخول للدورة المالية الأوروبية.
إجراء لمواجهة الانكماش والتطرف السياسي
وتشير التحاليل الى أن هذه الإجراءات ثورية نسبيا، ويقف وراءها الوضع الاقتصادي الراكد في أوروبا، حيث لن يتجاوز النمو الاقتصادي في الدول التي تتعامل باليورو 0،5%، وهي نسبة تكذّب التكهنات المتفائلة التي تتحدث عن استعادة الاقتصاد الأوروبي عافيته. وهنا مؤشرات مقلقة مستقبلا نتيجة ما قد يشهده الاقتصاد الألماني من تراجع، وهو الاقتصاد المحرك للقارة الأوروبية.
ويبرز المحلل خوسي كارلوس دييث في جريدة الباييس الإسبانية اليوم العامل السياسي وراء هذا القرض الضخم، 400 مليار يورو، إضافة الى تحريك الاقتصاد، يهدف الى التخفيف عن العائلات لتفادي مزيد من الرهان عل الحركات السياسية اليمينية واليسارية الراديكالية المضادة لليورو والوحدة الأوروبية بعدما كشفت الانتخابات الخاصة بالبرلمان الأوروبي منذ أسبوعين تقدم متطرفي اليمين ورادكاليي اليسار.
وتختلف تحاليل الصحف الاقتصادية الصادرة اليوم في أوروبا مثل فينانشيال تايم البريطانية وليزيكو الفرنسية وإكسبانسيون الإسبانية وسولي 24 الإيطالية بين مرحب بهذا الإجراء لتحريكه المرتقب للاقتصاد الأوروبي وبين متحفظ على الإجراء لأن الأوروبيين وخاصة في الجنوب فقدوا الثقة في القروض البنكية.
ويبقى من إيجابيات إجراء البنك الأوروبي بتخصيص 400 مليار يورو هو مساهمته المرتقبة بشكل غير مباشر في تراجع قيمة اليورو الذي يبقى مرتفعا للغاية. في هذا الصدد، سترتفع صادرات أوروبا بسبب تراجع اليورو أمام الدولار وعملات دولية أخرى.
إيجابيات أكثر من سلبيات للقرار على الاقتصاد المغربي
ونظرا للارتباط الوثيق للاقتصاد المغربي بالأوروبي، فكل إجراء عميق يمس أوروبا ينعكس سلبا إو إيجابا على المغرب. وكان من تبعات الأزمة الأوروبية انتقالها الى المغرب. ومن مظاهر هذا الانعكاس، التوتر الذي تشهده الصادرات الزراعية المغربية وارتفاع البطالة في صفوف الجالية المغربية وكذلك تراجع تحويلات المهاجرين.
وفق تحليل ألف بوست، ويحمل قرار البنك الأوروبي إيجابيات على المغرب أكثر بكثير من السلبيات التي تبقى محدودة. وعلاقة بالإيجابيات، فتراجع اليورو أمام الدرهم، سيجعل المهاجرين الذي يحولون مبالغ مالية قارة لعائلاتهم أو لتأدية أقساط شهرية للعقارات التي اقتنوها يرفعون من مبلغ التحويل، وهذا سيرفع احتياطي المغرب بشكل طفيف من العملة الأوروبية.
ومن شأن الركود الذي يشهده الاقتصاد الأوروبي وفي انتظار تنشيطه مستقبلا، أن يدفع عددا من الشركات والهيئات المالية، وفق المحللين، الى استثمار القروض في الخارج. وعلى ضوء هذا سيكون المغرب من الدول المستفيدة بتلقي استثمارات أوروبية.
ويبقى المظهر السلبي للقرار الأوروبي هو أنه سينتج عن تراجع اليورو احتمال ارتفاع الواردات المغربية من السلع الأوروبية، فقد كشفت التجربة أنه كلما تراجع اليورو والدولار ارتفعت الواردات المغربية.