في الذكرى المائوية للحرب العالمية الأولى، نتائج البرلمان الأوروبي تعيد شبح التطرف والتعصب للقارة

علم الاتحاد الأوروبي تتوسطه علامة استفهام

كان القادة والمفكرون الأوروبيون يرغبون في تحويل سنة 2014 التي تصادف الذكرى المائوية للحرب العالمية الأولى الى مناسبة للحوار وتعزيز العلاقات وتحويل القارة الأوروبية الى مرجع للحوار والحريات ومحاربة التعصب، لكن نتائج الانتخابات الخاصة بالبرلمان الأوروبي عصفت بهذه الأحلام بسبب تقدم القوى المتطرفة والراديكالية مثل الجبهة الوطنية الفرنسية التي تحولت الى القوة السياسية الأولى في فرنسا.

وكشفت نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت الأحد 25 مايو الجاري عن مؤسسة تشريعية يغلب عليها طابع “كوكتيل مولوتفوف” بسبب التشتت الإديولوجي والفوارق السياسية بشكل لم تشهده هذه المؤسسة منذ تأسيسها في السبعينات.ويعتبر المراقبون أن البرلمان الأوروبي دخل مرحلة غياب الإجماع الى مرحلة الحسم عبر التصويت في كل شيء.

وركزت معظم صحف العالم اليوم على فرنسا التي طالما افتخرت بصفتها مصدرا للحقوق المدنية بمفهومها المعاصر بعد الثورة الفرنسية لتسقط في يد “التطرف السياسي” للجبهة الوطنية بزعامة ماري لوبين في هذه الانتخابات بعدما تحولت الى القوة السياسية الأولى متجاوز اليمين الكلاسيكي والاشتراكيين. وحذّرت جريدة لوموند اليوم في افتتاحيتها من ثقافة العنصرية التي بدأت تترسخ في المجتمع الفرنسي، محملة المسؤولية للطبقة السياسية الكلاسيكية التي عجزت عن التأقلم والتكيف مع التطورات ومطالب المواطنين.

وباستثناء دولة المانيا ونسبيا البرتغال، فقد أحدثت الانتخابات الخاصة بالبرلمان الأوروبي هزة سياسية حقيقية في المشهد السياسي للقارة العجوز. فقد تراجعت الثنائية الحزبية في اسبانيا، حيث لم يعد الحزب الشعبي والاشتراكي يشكلان أكثر من 50% من الأصوات في ظل تقدم قوى اليسار الراديكالي. وأصبح اليسار الراديكالي حركة “خمسة نجوم” بزعامة بيبي غريليو القوة الثانية في البلاد بعد الحزب الاشتراكي. وتشكل فرنسا حالة خطيرة بصعود اليمين القومي المتطرف المتمثل في “الجبهة الفرنسية”. وتزعم اليمين القومي المتطرف الانتخابات في الدنمرك، وحصل على تمثيلية في باقي الدول مثل المانيا والنمسا وهولندا وبلجيكا. ومن أصل 700 مقعد برلماني، تعود قرابة مائتين الى قوى اليسار الراديكالي واليمين المتطرف.

كانت أوروبا ترغب في جعل سنة 2014 التي تصادف الذكرى المائوية للحرب العالمية الثانية والذكرى السبعين لعملية نورماندي للقضاء على النازية فرصة لإبراز نجاحها في تجاوز شبح الماضي، لكن هذا الماضي بكل ثقله العنصري والفكر القطري الضيق المرتبط بالهوية الوطنية يعود الى الواجهة ليهدد الوحدة والتعايش ويجعل القارة كما قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولند ليلة الاثنين “صعبة القراءة  بعد هذه النتائج”. فهل ستبحث عن بوصلة جديدة؟

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password