يتوجه الأوروبيون اليوم الى صناديق الاقتراع للتصويت لاختيار ممثلين لهم في البرلمان الأوروبي، وهي انتخابات تاريخية خاصة في دول يهدد اليمين القومي المتطرف بالتفوق فيها مثل فرنسا وفي أخرى نهاية الثنائية الحزبية مثل اسبانيا. وتحمل هذه الانتخابات تأثيرات على المغرب في ملفات سياسية واقتصادية.
وصوت الناخبون في هولندا وبريطانيا منذ ثلاثة أيام، ولكنه لم يتم الكشف عن النتائج بل سيتم الليلة في مجموع القارة الأوروبية، بينما تتوجه باقي الدول اليوم الى صناديق الاقتراع. وتفيد المعطيات الأولية هذا الصباح بمشاركة مقبولة في مختلف الدول. ويتجاوز عدد الأوروبيين المسجلين في قوائم الانتخابات 380 مليون ناخب.
اليمين المتطرف يحول الانتخابات الى تاريخية
ويصف المراقبون ووسائل الاعلام الانتخابات بالتاريخية لتزامنها مع أحداث هامة تعيشها أوروبا، وتختلف من دولة إلى أخرى. ولعل القاسم المشترك بين مختلف الدول هو الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالقارة الأوروبية ويترتب عنها نتائج سياسية مقلقة للغاية.
وفي فرنسا، الدولة المركزية وذات الثقل السياسي في الاتحاد الأوروبي، تتصدر ومنذ أسابيع الجبهة الوطنية بزعامة ماري لوبين استطلاعات الرأي بأطروحاتها المعادية للوحدة الأوروبية مثل الخروج من اليورو والعودة بالعمل بالحدود بدل الحدود المفتوحة علاوة على الحد من الهجرة وبدء ترحيل الكثير منهم. ويتابع المراقبون ما سيجري في فرنسا لأنه قد تشكل بداية منعطف في الاتحاد الأوروبي بوصول اليمين لاقومي المتطرف بقوة الى مؤسسات الاتحاد.
وفي إيطاليا، الدولة المؤسسة للاتحاد رفقة فرنسا وألمانيا، تتراجع الأحزاب الكلاسيكية ويتقدم اليسار الراديكالي الممثل في حركة “خمسة نجوم” بزعامة بيبي غريليو الذي وجد في اليورو كل مساوئ وسلبيات إيطاليا القرن الواحد والعشرين.
ويتوجه الإسبان الى صناديق الاقتراع وسط تساؤل عريض، هل ستعني هذه الانتخابت نهاية الثنائية الحزبية، الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي اللذان حكما البلاد منذ أربعة عقود. لأول مرة منذ عقود، لا تتعدى أصوات الحزبين 50% في استطلاعات الرأي بعدما كانت لا تقل عن 75%.
الأوروبيون يصوتون على الزراعة المغربية
وأصبح كل ما يجري في أوروبا يمس المغرب بشكل أو آخر. وهذه الانتخابات التي يصوت فيها المغاربة الأوروبيون تحمل انعكاسات سلبية على المغرب. وهذا الانعكاس يتجلى في ارتفاع خطاب الحركات العنصرية التي تطالب بالحد مما تعتبره امتيازات يحصل عليها المهاجرين.
وإذا كانت الانعكاسات على الهجرة كلاسيكية من انتخابات أوروبية ومحلية الى أخرى، فهذه المرة الانعكاسات تتجاوز الهجرة الى المبادلات التجارية ومنها الزراعية أساسا. وتمر العلاقات بين المغرب وأوروبا بأزمة نتيجة قرار المفوضية الأوروبية إعادة النظر في الرسوم الجمركية على الصادرات الزراعية المغربية نحو إلغاء نظام الأفضلية. وتتضرر الزراعة المغربية من هذه السياسة.
وتتميز برامج الأحزاب السياسية على مختلف ألوانها بخطاب سياسي يرمي الى تعزيز نظام الحمائية للتقليل من الواردات ومنها الملف الزراعي. وجعلت بعض الأحزاب في اسبانيا وإيطاليا وفرنسا من الملف الزراعي ركيزة أساسية في خطابها.
وهكذا، سيجد المغرب نفسه ابتداء من الليلة عندما سيتم الاعلان عن الانتخابات أمام برلمان ذو طابع حمائي من الصعب مصادقته على الاتفاقيات الدولية للاتحاد الأوروبي التي تمس مصالح المهنيين ومنها المزارعين الأوروبيين.