تحتضن مدينة سرقسطة الإسبانية معرضا للصور الفتوغرافي عن ثورة الربيع العربي تستمر حتى 20 من يونيو المقبل. ويشكل المعرض فضاء تتواجه فيه أسئلة المشاهدين متمردة تقاوم ضيق أغمدتها، حول ثورة مباغتة وغير مألوفة في عالم عربي متخيل لدى الأخر بصفة “الجامد سياسيا”، وبين متن صُوَرِي صيغ بنظرة “غيرية ” ومن خارج النسق الثقافي المؤطر لحدث الثورة، يوفر قدرا بليغا من مساحات التأمل لاستيعبا تلك الاسئلة.
ويتوفر المعرض الذي ” اتخذ له منظموه عنوان” شاهدون على ثورات الربيع العربي” على 72صورة فوتوغرافية تتناول جميعها أحداث وشخوص وأزمنة وفضاء الربيع العربي، أنجزها ستة صحفيين فتوغرافيين إسبان كانوا في الخطوط الامامية لرصد الأحداث، حصل معظمهم على جوائر وطنية ودولية، التقطوها من بلدان الثورة : تونس، مصر، اليمن، ليبيا، سوريا البحرين …. منذ اندلاعها في 2011 وحتى أواخر العام 2013
ومن أشهر المصورين المشاركين في هذا المعرض المصورة الإسبانية من أصل فلسطيني ميسون ولدت بسرقسطة الإسبانية والتي نشرت صورا لها في نيويورك تايمز ودير شبيغل الالمانية وغيرها، وخصوصا صورة المراة المصرية التي فقدت كل اقربائها، ثم المصور الكتلاني ريكاردو غارسيا بلانوفا الذي جرى “إطلاق سراحه في مارس بعد اختطافه في سوريا. وديغو إيبارا من سرقسطة الإسبانية يقيم في باكستان منذ العام 2009.
ويقدم شهادته الصورية أـيضا المصور الصحفي ماناو باربو ، إضافة إلى غييم بايي الذي حصل على جائزة “ورلد بريس فوطو” لأفضل صور صحفية عن احداث الربيع وكان يعمل ا نطلاقا من ليبيا.
وتنقل هذه الصور انطلاقا من ست رؤى متباينة وجوه مسارات الحراك ومفارقاته الإنسانية الحادة. لقد تكلفت الصور المعروضة بنقل “الرعب” في جرعاته القصوى، مثل تلك التي تفور من جحيم ليبيا و سوريا وغيرهما ، جحيم، لم تتحمله حتى آلات التصوير الباردة من شدة فضاعتها وهولها، لكن في المقابل تحملتها رغبة التحرر الجامحة لدى شعوب تواقة للانفلات من الاستبداد، كما تجسد ذلك خطاب الصور الفتوغرافية الظاهرة والمضمرة .
وتحضر المرأة العربية في المعرض موضوعا بارزا، تجسدها فاعلا في تلابيب الحراك ،وتبرز في هذا السياق صورتان تحتفيان بها، اولها صورة لمصرية تبكي بعدما فقدت عددا من مقربيها والتقطتها المصورة الإسبانية من أصل فلسطيني ميسون. وهي قريبة في خطابها من صورة فتورغافية لمصور صحفي إسباني التقط صورة امراة يمنية منقبة وهي تحتضن شابا مقربا منها وقدفاضت إنسانيتها على جلباب النقاب وانساب على فضاء الصورة يشحنها بفيض إنساني ناطق. وقد فازت الصورة بجائزة الصورة الصحفية وورد بريس خلال العام الماضي .
و مازلت عموما ثورات الربيع العربي في اهتمام الرأي العام الإسباني، كما الأوروبي وغيره، قضية لا يفتر السؤال بشأن وجوديتها سواء في صيغ انبعاثها أو في صور مآلا تها الحالية المتباينة. ولم يشبع بعد حجم المضامين و لا الصور التي انتجت حول الظاهرة عطش الأسئلة لدى هؤلاء المتاخمين جغرافيا وثقافيا لعالم سرت فيه فجاءة وعلى نحو مباغت رعشة التغيير والتحول وإن باتجاهات متضاربة ومتصادمة، لكن ، يرونها على الأقل متحركة ومنطلقة، فجعلت ملامح هذا العالم العربي تتشكل في مكان قصي عن المتوقع منهم والمتخيل لديهم في انتظار استوائه على هيئة نهائية.