رفعت الأزمة السورية وغياب الاستقرار السياسي والأمني في ليبيا من الهجرة غير النظامية الى دول الاتحاد الأوروبي، بينما تراجعت وجهة غرب البحر الأبيض المتوسط خاصة من شمال المغرب نحو سواحل الأندلس. ويتزامن التقرير مع انتخابات البرلمان الأوروبي، حيث يمكن للأحزاب المتطرفة استغلاله في حملاتها السياسية.
وجاء في تقرير أوروبي تم تقديمه منذ يومين ارتفاع ظاهرة الهجرة غير النظامية أو الهجرة السرية الى فضاء الاتحاد الأوروبي، حيث جرى توقيف 42 ألف مهاجر سري ما بين يناير ونهاية أبريل الماضيين وفق إحصائيات وكالة مراقبة الحدود الأوروبية “فرونتكس”. واعتبرت الوكالة الرقم مضاعفا ثلاث مرات مقارنة مع الأربعة أشهر الأولى من سنة 2013، وجرى تسجيل 140 ألف مهاجر طيلة السنة الماضية، ويعتقد أن الرقم سيرتفع الى أكثر من 350 ألف مع نهاية السنة الجارية.
وتنسب تقارير فرونتكس ارتفاع الهجرة السرية الى عامل غياب الاستقرار السياسي الذي يمس البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط ومناطق إفريقية. وساهمت الأزمة السورية في ارتفاع قوي للهجرة من الشرق الأوسط الى أوروبا عبر مختلف النقاط الجغرافية من ليبليا وتونس والجزائر والمغرب نحو سواحل اسبانيا وإيطاليا واليونان وكذلك عبر دول أوروبا الشرقية نحو منطقة النمسا وألمانيا.
ويساهم ضعف الأجهزة الأمنية والبحرية الليبية في ارتفاع تاريخي للهجرة السرية من سواحل ليبيا نحو إيطاليا وعلى رأسها جزيرة لامبوديسا التي سجلت مآسي خطيرة هذه السنة منها غرق أكثر من 300 شخص منذ شهور وغرق العشرات خلال الأسبوع الجاري.
ويكشف التقرير أن الهجرة السرية من شمال المغرب نحو اسبانيا قد تراجغت مقارنة مع وسط البحر الأبيض المتوسط بين ليبيا وإيطاليا بفضل تشديد الحراسة وبسبب رهان الأفارقة على ليبيا للقرب الجغرافي وضعف الحراسة بحرا.
ولا يقتصر الأمر فقط على هجرة السوريين والأفارقة وكذلك المغاربة بل كذلك بعض المهاجرين من مناطق أخرى مثل أمريكا اللاتينية الذين يصلون الى المطارات ويحاولن الدخول الى الفضاء الأوروبي دون توفر الشروط فيهم.
وارتفعت أصوات جمعيات حقوقية تنتقد كشف المفوضية الأوروبية لهذه الإحصائيات على بعد عشرة أيام من الانتخابات الخاصة بالبرلمان الأوروبي، حيث تعمل أحزاب عنصرية ومتطرفة على توظيف الهجرة السرية لمهاجمة المهاجرين ومهاجمة دول جنوب البحر المتوسط.
وتوظف أحزاب ومنها حزب الجبهة الوطنية في فرنسا الهجرة موضوعا رئيسيا وركنا صلبا في الخطاب السياسي لكسب أصوات الناخبين، ويعود تصدر الجبهة الوطنية للساحة السياسية الفرنسية الى موقفها المعادي للهجرة وربطها بالأزمة الاقتصادية وأزمة القيم الهجرة بشكل كبير.