يطالب الحزب الاشتراكي الإسباني بجعل مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين حدودا بين المغرب العربي والاتحاد الأوروبي بشكل رسمي أكثر منها حدودا بين المغرب واسبانيا. ويطرح الاشتراكيون هذا المقترح رغم حساسية المدينتين. والمفارقة هي قيام أحزاب سياسية قومية في كتالونيا وبلد الباسك بمطالبة مدريد بإعادتهما الى المغرب وسط صمت المغرب الرسمي.
وبمناسبة الانتخابات الخاصة بالبرلمان الأوروبي التي ستجري في نهاية الشهر الجاري، تقدم الحزب الاشتراكي منذ يومين بمجموعة من المقترحات الخاصة بمدينتي سبتة ومليلية بعدما تحولتا الى موضوع رئيسي في الأجندة الاجتماعية والسياسية في اسبانيا بسبب المآسي المترتبة عن محاولات الأفارقة التسلل عبر الأسوار السلكية التي تفصلها عن الأراضي المغربية، وكان آخرها محاولة منذ أربعة أيام تخللتها مواجهات بين المهاجرين وأفراد الحرس المدني.
ويطرح الحزب الاشتراكي الاسباني ضرورة إقناع الاتحاد الأوروبي باعتبار هذه الحدود تتجاوز تلك بين اسبانيا والمغرب نحو حدود بين الاتحاد الأوروبي والمغرب العربي، وتهدف هذه الدعوة الى دفع الاتحاد الأوروبي الى دور أكبر في مواجهة الهجرة السرية. ويتضمن المقترح تعويضات مالية من المفوضية الأوروبية لسبتة ومليلية، حيث تتمتع كل مدينة بالحكم الذاتي. ويرى الحزب الاشتراكي هذه التعويضات المالية ضرورية لتطوير البنيات التحتية في المدينتي ومنها الميناء والربط الجوي خاصة في مليلية ومواجهة أفضل للهجرة.
أحزاب تنوب عن المغرب في المطالبة بسبتة وميلية
ويحتل موضوع سبتة ومليلية حيزا مهما في برامج الأحزاب الإسبانية بشأن الانتخابات الأوروبية، ولكن يختلف الأمر بين حزب وآخر. وإذا كانت الأحزاب الكبرى تعتبر سبتة ومليلية أراض اسبانية، فهناك أحزاب أخرى تعتبرها أراض محتلة ولا تترد هذه الأيام في المطالبة بتصفية الاستعمار عنها. وهذه الأحزاب هي التشكيلات السياسية القومية في كتالونيا وبلد الباسك وغاليسيا التي ترغب في الانفصال عن اسبانيا ولا تعترف بإسبانيا موحدة. ومن أبرز هذه الأحزاب، اليسار الجمهوري الكتالاني الذي يطالب حكومة مدريد المركزية بإعادة المدينتين الى المغرب. وفي الوقت نفسه تتبنى أحزاب مثل التغتل الغاليسي والحزب القومي الباسكي الموقف نفسه.
وتنطلق هذه الأحزاب من فكرة مفادها أن اسبانيا اغتصبت أراضي بعض الأقاليم بالقوة وأ،ها تسيطر على سبتة ومليلية بالقوة، وتعتبر التواجد من مخلفات الحقبة الاستعمارية.
صمت مغربي رسمي وسياسي
وتبقى المفارقة التاريخية الصارخة، أنه في الوقت الذي تنادي فيه هذه الأحزاب بإعادة اسبانيا سبتة ومليلية للمغرب، تنهج مكونات الحقل السياسي الرسمي المغربي من ملكية وحكومة وبرلمان صمتا مطلقا في هذا الملف.
وكانت جمعيات سياسية تحررية في شمال المغرب وخاصة مدينة الناضور قد طالبت منذ ثلاثة أيام الحكومة المغربية بضرورة التحرك وعدم تجميد الملف بشكل لم يشهده تاريخ المغرب منذ فترات طويلة.
ويسود الاعتقاد بتجميد الرباط الملف أملا في دعم اسباني في نزاع الصحراء بحكم طبيعتها قوة استعمارية سابقة، لكن التاريخ يشكف أن الملك الراحل الحسن الثاني رغم أهمية دور اسبانيا في النزاع كان يحافظ على الإشارة الى سبتة ومليلية في خطبه للشعب المغربي ومبادرات بين الحين والآخر لتذكير العالم بمطالب المغرب.
وكان الملك الراحل يطرح ملف سبتة ومليلية كلما بادرت اسبانيا بالحيثد عن استعادة صحرة جبل طارق وأحيانا بدون هذه المناسبة، لكن الملك محمد السادس جمد الملف خلال السنوات الأخيرة بما في ذلك الإشارة إليه كلاسيكيا في خطب مثل ثورة الملك والشعب وعيد الاستقلال. وكان الملك محمد السادس وطيلة الثلاث سنوات الأخيرة قد أشار مرة واحدة الى موضوع المدينتين بدون تسميتهما في رسالة وجهها الى تجمع السفراء المغاربة.
ولم تتقدم الأحزاب المغربية منذ برلمان 2011 باي سؤال عن سبتة ومليلية، كما أن لجنة العلاقات الخارجية والدفاع تلتزم الصمت ولا تعالج الموضوع.