في ظل العلاقات الدولية المتشابكة، أصبح المغرب الرسمي والمغاربة يراهنون على دق الأبواب طلبا للمساعدة في ملفات غالبا ما تكون حقوقية وسياسية. وبعد الرهان على الاتحاد الأوروبي، شكلت زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري نموذجا لهذا التوجه الجديد، حيث استعرضت الدولة المغربية ما تعتبره منجزات وطالبت بدعم واشنطن، وفي الطرف الآخر، دق نشطاء حقوقيون وكذلك الذين يعتبرون أنفسهم ضحايا الدولة الرسمية أبواب كيري، مثل حالة زكريا مومني والصحفي علي أنوزلا والحركات الأمازيغية.
الرباط تنشد تزكيات للإصلاح
ونظرا لوزنها في صنع القرار الدولي وسياسة الضغط التي تمارسها في ملفات منها حقوق الإنسان، تبادر الدولة المغربية ابتداء من الملك محمد السادس الى وزراء حكومته لطلب مساعدة واشنطن في تفهم مطالب المغرب والترحيب على سياسته الإصلاحية، وتبذل مجهودا جبارا للحصول على كلمات الثناء.
وتعتبر وسائل الاعلام الرسمية مرآة لسياسة الدولة، حيث تجعل من تصريحات بروتوكولية صادرة عن مسؤولين أجانب “شهادة حسن السلوك” لصالح المغرب، وتتجنب التقارير التي تصدر عن حكومات هؤلاء المسؤولين في تقييمها للوضع. ومن ضمن الأمثلة في هذا الصدد، الفرق الشاسع بين تصريحات جون كيري البروتوكولية وتقارير وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في المغرب.
وتلجأ الدولة المغربية الى سياسة الوفود الرسمية وغير الرسمية خاصة نحو الولايات المتحدة والبرلمان الأوروبي في محاولة للحصول على تزكيات حقوقية وسياسية بشأن السياسة المتبعة في المغرب.
دبلوماسية فضح الخروقات
وفي الطرف الآخر، توجد دبلوماسية نشطاء حقوقيين وأمازيغ تراهن على فضح ما يعتبرونه خروقات حقوقية وتهميش تمارسه الدولة المغربية في حقهم وفي حق الشعب. وخلال زيارة جون كيري الى المغرب يومي الخميس والجمعة الماضية، توصل برسائل متعددة منها واحدة من منظمة مراسلون بلا حدود تطالبه بالتدخل لصالح الصحفي المعروف علي أنوزلا مدير الجريدة الرقمية “لكم”.
كما توصل برسالة من زكريا مومني الذي يتابع مدير المخابرات المغربية أمام القضاء الفرنسي بتهمة تعذيبه، تطالب عميد الدبلوماسية الأمريكية بمطالبة المغرب باحترام حقوق الإنسان. ووجه المسؤول عن العلاقات الدولية في التجمع العالمي للأمازيغ، رشيد راحا رسالة الى كيري يطالبه بالعمل من أجل حصول الأمازيغ على حقوقهم في المغرب.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي الوجهة الرئيسية سواء للمغرب الرسمي أو ما يصطلح عليه دبلوماسية نشطاء حقوق الإنسان ومنهم الأمازيغ خاصة للتأثير في مضمون التقارير التي تقوم بتقييم وضعية حقوق الإنسان والفساد الإداري في المغرب. وتأتي أهمية الاتحاد الأوروبي من طبيعته شريكا رئيسيا سياسيا واقتصاديا وأمنيا للمغرب.
حلال على الدولة وحلال على نشطاء حقوق الإنسان
ويجتمع وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار بسفراء أوروبيين ليشرح لهم الإصلاحات التي تقدم عليها البلاد، وينتقل بين الحين والآخر الى المفوضية الأوروبية ضمن هذه الاستراتيجية. وبدورهم، يشن نشطاء حقوقيين حملات مضادة في المنتديات الدولية لتقديم شروحات تقدم ما يعتبرونه الواقع الحقيقي لحقوق الإنسان في البلاد المتسم بالخروقات، وذلك بهدف الحصول على دعم لتحسين الأوضاع في المغرب.
ويؤكد ناشط أمازيغي، ف، ع من برشلونة “العلاقات الدولية أصبحت متشابكة، الدولة تقوم ببروباغاندا لما تعتبره إصلاحات سياسية، ونحن بدورنا نقوم بعمليات الفضح لما نعتبره خروقات”. ويضيف ناشط آخر من بروكسيل “ما تعتبره الدولة حلال بلجوئها الى الهيئات الدولية، هو كذلك حلال لدبلوماسية نشطاء حقوق الإنسان”.