عن سن تناهز 79 سنة، رحل الدبلوماسي الإسباني ماكسيمو كاخال أحد أبرز السفراء الإسبان خلال العقود الأخيرة والذي لم يتردد في مطالبة حكومة بلاده بإعادة سبتة ومليلية المحتلتين الى المغرب في وقت تلتزم فيه الرباط الصمت المطلق في هذا الملف، ونصح المغرب باحترام حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية لحل نزاع الصحراء في إطار الحكم الذاتي.
ولد سنة 1935 في مدريد وتوفي أمس عن سن تناهز 79 سنة، وعاش فصولا درامية خلال مسيرته الدبلوماسية أبرزها الهجوم الذي تعرضت له سفارة اسبانيا في غواتيمالا سنة 1980، حيث توفي دبلوماسيون ونجا هو شخصيا بعد حصار طويل للسفارة.
وتؤكد جريدة الباييس اليوم أنه كان مرشحا لوزارة الخارجية الإسبانية في مناسبات متعددة أبرزها بعد وصول الاشتراكي خوسي لويس رودريغيث سبتيرو الى الحكم، لكن مواقفه من نزاع الصحراء المغربية وملف سبتة ومليلية المحتلتين حالا دون ذلك.
ورغم أنه لم تكن تجمعه علاقات بشخصيات مغربية باستثناء قلة قليلة مع بعض المثقفين والإعلاميين، ولم يعمل في الرباط بل كان سفيرا في دول أخرى مثل فرنسا ولدى الحلف الأطلسي وتولى منصب الكاتب العام للخارجية الإسبانية، ولم يتم استدعاؤه الى المناسبات العمومية مثل عيد العرش، فقد كان أحسن مدافع عن مصالح المغرب في اسبانيا.
ويعتبر ماكسيمو كاخال من مؤسسي ما يعرف وسط دبلوماسية مدريد “تيار الموروس”، وهي مجموعة من الدبلوماسيين الذين دافعوا دائما على تطوير العلاقات مع المغرب واعتباره الحليف الرئيسي في شمال إفريقيا، وفتح حوار معه ولو غير معلن حول الحكم الذاتي في الصحراء وحول مستقبل سبتة ومليلية. وكان ماكسيمو كاخال من أبرز هذا التيار إضافة إلى كل من وزير الخارجية الأسبق ميغيل آنخيل موراتينوس والسفير الإسباني الأسبق خورخي ديسكايار الذي سيتولى لاحقا منصب مدير المخابرات الإسبانية.
ترك ماكسيمو كاخال تصوره للعلاقات المغربية-الإسبانية في كتابه الشهير الصادر سنة 2003 بعنوان “سبتة ومليلية وأوليفنزا وجبل طارق، أين تنتهي اسبانيا؟”، حيث عالج فيه المشاكل الترابية لإسبانيا مع بريطانيا والبرتغال والمغرب. وحول سبتة ومليلية، شدد على ضرورة إعادتهما الى المغرب لإرساء علاقات متينة مستقبلا وتفادي المشاكل. وطالب بالدفاع عن الحكم الذاتي في الصحراء، لكن كان يتأسف لغياب الوعي لدى السلطات المغربية بسبب عدم احترامها لحقوق الإنسان.
وكان قد كتب مقالا في جريدة الباييس خلال يناير 2010 إبان أزمة ملف إضراب أميناتو حيدر عن الطعام، يستعرض فيه وجهة نظره والتي تحظى بالتأييد وسط بعض الدبلوماسيين ومفادها ضرورة دعم المغرب نحو الحكم الذاتي ولكن على هذا البلد إبداء احترام حقيقي لحقوق الإنسان وتقديم عرض مقنع للحكم الذاتي.
ومن خلال استعراض موقف وفكر الدبلوماسيين الإسبان نحو المغرب، من الصعب العثور على دبلوماسي من هذا النوع اكتسب الشجاعة الدبلوماسية للجهر بهذه المواقف التي في الغالب كانت معاكسة لموقف مختلف الحكومات المتعاقبة على السلطة في اسبانيا.