رفضت وزارة العدل الفرنسية مقترحا للمغرب يقضي بتفادي استدعاء مسؤولين مغاربة للتحقيق معهم في الدعاوي التي ترفع ضدهم أمام القضاء الفرنسي. ويأتي رفض حكومة باريس الذي تقدم به المغرب لحل مشكل استدعاء مدير المخابرات المغربية عبد اللطيف الحموشي المتابع بتهم التعذيب وملفات مستقبلية بسبب عدم مطابقة الطلب مع القانون الفرنسي والقوانين الأوروبية.
وأوردت جريدة أخبار اليوم أمس الثلاثاء، وهي المعروفة بمصادرها من وزارة العدل هذا الخبر، مشيرة الى مقترح تقدمت به وزارة العدل المغربية يقضي التوقيع على اتفاقية أو إضافة بند الى اتفاقيات سابقة موجودة ينص على عدم استدعاء القضاء للمسؤولين المغاربة وإحالة كل شكاية على القضاء المغربي للبث فيها.
وتشير الجريدة الى أن الهدف من هذا المقترح المغربي، الذي لم تنفيه أو تؤكده وزارة العدل التي يشرف عليها مصطفة الرميد، هو إيجاد مخرج لملف مدير المخابرات المغربية عبد اللطيف الحموشي الذي رفع ثلاثة مغاربة ضده شكايات بالتعذيب أمام القضاء الفرنسي. ويتعلق الأمر بعادل المطالسي المعتقل في ملف له علاقة بالمخدرات وزكريا المومني الذي يتهم منير الماجدي بالتسبب في اعتقاله وتقول الرباط أنه متورط في النصب والاحتيال، وأخيرا نعمة الأسفاري المقرب من جبهة البوليساريو والذي حوكم في مقتل أفرد الأمن المغربي في أحداث مخيم أكديم أيزيك.
وتبرر وزارة العدل الفرنسية رفض المقترح المغربي بأن البرلمان الفرنسي لن يصادق على قرار من هذا النوع وفي الوقت نفسه، فالمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان سترفضه بسبب خرقه مبدأ العدالة الكونية في وقت تعمل دول وجمعيات حقوقية على تدويل العدالة الكونية.
وتعتبر الدولة المغربية أن شكايات التعذيب التي جرى رفعها ضد مدير المخابرات المدنية عبد اللطيف الحموشي تدخل ضمن مؤامرة تستهدف استقرار ورموز المغرب، وفي الوقت نفسه لا تقدم تفسيرات حول تردد القضاء في فتح تحقيق في الشكايات بالتعذيب التي ترفع ضد مسؤولين مغاربة أمام المحاكم المغربية. وتشهد تقارير الأمم المتحدة والجمعيات الوطنية والدولية بوجود تعذيب في السجون المغربية، وجاء ذكر المخابرات في أكثر من تقرير وطني ودولي.
وأقدم المغرب على تعليق الاتفاقيات القضائية مع فرنسا رغم وجود قرابة مليوني مغربي في هذا البلد، وجمد مختلف الزيارات إلا أنه بدأ ابتداء من هذا الأسبوع في استقبال مسؤولين فرنسيين بشكل محتشم ومنهم وزير الاقتصاد الاجتماعي والتضامن بينوا هامون.
وتاريخيا وقعت أزمات بين المغرب وفرنسا على خلفية ملاحقة القضاء الفرنسي لمغاربة في ملف اغتيالات والتعذيب وطالب بالاستماع الى مسؤولين أمنيين وعسكريين مغاربة. وكان المسؤول المغربي الوحيد الذي ذهب بنفسه الى مواجهة القضاء هو الجنرال أحمد الدليمي في الستينات بعدما اتهمه القضاء الفرنسي باغتيال الزعيم الوطني المهدي بن بركة، وحصل على البراءة بعد المحاكمة.