ظهرت بصمات العربية السعودية ومصر واضحة في البيان الختامي لمؤتمر وزراء الداخلية العرب بعنوان “بيان مراكش لمكافحة الإرهاب” وخاصة آلية “مكتب عربي للأمن الفكري”، وهذا البيان يشكل منعطفا نحو استعادة الدول العربية المبادرة الأمنية بعد تراجع العامل الأمني في أعقاب انفجار الربيع العربي.
وشدد بيان المؤتمر الذي جرى أمس في مدينة مراكش على مكافحة الإرهاب من خلال ملاحقة الجماعات الإرهابية ومعاقبة التشجيع على الطائفية وحشد كل الجهود والإمكانات لاستئصال الإرهاب. وأبرز البيان ضرورة الالتزام بقرارات الأمن التي ترفض دفع الفدية للإرهابيين. وهذه النقطة الأخيرة من مطالب الجزائر التي انتقدت تقديم بعض الدول الأوروبية للفدية لجماعة القاعدة في المغرب الإسلامي لتحرير رهان عربيين.
ومن ضمن الآليات الجديدة التي نص عليها اجتماع مراكش هو “مكتب عربي للأمن الفكري” سيكون مقره الرئيسي العاصمة السعودية الرياض. وهذا المكتب نظريا قد يكون من مهامه مواجهة كل الأفكار المتطرفة الدخيلة على الإسلام والتي تروج لها جماعات مثل السلفية.
ويأتي اجتماع وزراء الداخلية العرب بعد قرارات أقدمت عليها دول عربية وخاصة مصر والعربية السعودية بمنع حركة الإخوان المسلمين وتصنيف حماس بحركة إرهابية وحركات أخرى في سوريا تقاتل ضد نظام بشار الأسد.
وتبدو بصمات القاهرة والرياض واضحة في هذا البيان لأنه يتطابق والإجراءات الأمنية التي اتخذها البلدان ضد الحركات الإسلامية، كما أن لهجة البيان القوية مطالبة للخطاب السياسي والأمني الصادر عن البلدين.
ويبقى الغموض يلف “مكتب الأمن الفكري” الذي طالبت به الرياض وهل سيشمل مراجعة الأطروحات الدينية أم سيتعداه الى التضييق على الإعلام خاصة قناة الجزيرة، إذ سبق لمجلس وزراء الاعلام العربي سنة 2009 في القاهرة أن طالبوا بمكتب مشابه لمراقبة القنوات الفضائية، لكن ذلك الطلب بقي مجرد اقتراح بسبب اندلاع الربعي العربي.
ويبقى مؤتمر مراكش منعطفا لأنه لأول مرة منذ اندلاع الربيع العربي، تقدم الدول على إجراءات تتجاوز الإرهاب الى احتمال المس بحرية التعبير بحكم أن قوانين الإرهاب موجودة منذ مدة طويلة.
وفي الوقت ذاته، يكشف عودة قوة السعودية ومصر بعد تراجع خلال الثلاث سنوات الأخيرة في وقت كانت الريادة لدول مثل قطر في مثل هذه الاجتماعات.