حصلت تونس بعد سنوات ثلاث من ثورة الربيع العربي التي اسقطت نظام زين العابدين بن علي على “دستور الثورة” بعد أن صادق عليه بشكل نهائي ليلة الاحد وباغلبية ساحقة برلمان تونس، فيما جرى الإعلان عن تشكيل حكومة تدير شؤون البلاد إلى حين إجراء الانتخابات خلال العام الجاري. وبالإقرار الشامل لهذا الدستور تكون تونس قد حققت احد اكبر اهداف ثورتها وتمضي انموذجا في المنطقة العربية كما كانت انموذجا بتحولها إلى مصدر لاندلاع شرارة الربيع العربي.
وحصل الدستور التونسي الجديد على موافقة الاغلبية الساحقة المشكلة للبرلمان التونسي، حيث صوت لصالحه 200 نائب من مجموع المجلس الذي يبلغ عدده 217.
وذكرت وسائل إعلام تونسية محلية ان حالة من الغبطة والارتياح سادت اجواء البرلمان التونسي بعد المصادقة بأغلبية ساحقة عل الدستور، ورفع نواب برلمانيون العلم التونسي بينما تبادل اخرون التهاني بنجاح الدستور.
ونقلت رويترز عن مصطفى بن جعفر رئيس المجلس ا لتاسيسي التونسي في كلمة له بالمناسبة قوله:”إن هذا الدستور يبني دولة مدنية ديمقررطية ويحقق حلم التونسيين وعدة اجيال”، معتبرا في الوقت ذاته أن نجاح هذه الدستور إنما هو ” نجاح للثورة التونسية وللنمط المجتمعي التونسي”.
وبموازاة مع ذلك اعلن مهدي جمعة رئيس الوزراء التونسي عن تشكيل حكومة تكنوقراط تحل محل الحكومة المستقيلة التي كانت تقودها النهضة ، ومشيرا إلى أنه قدم قائمة بأسماء أعضاء تلك التشكيلة للرئيس التونسي منصف المرزوقي، والتي من المنتظر ان تسهر على تسيير شؤون البلاد حتى إجراء الانتخابات العام الجاري.
ويصف مراقبون دوليون ومحليون في تونس الدستور الذي جرت المصادقة عليه بشكل شامل من قبل البرلمان التونسي وقبله من قبل المجلس التاسيسي، يعتبر دستورا أكثر تقدما في العالم العربي من حيث الحقوق والتعددية. وقال راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإسلامية التي كان تقود الحكومة المستقيلة خلال مشاركته في ملتقى دافوس أمس الاول:” إن المصادقة على الدستور الجديد في تونس يشكل ” نموذجا بالمنقطة العربية ” وأضاف في حديث اخر إلى وكالة الاناضول قائلا:” إن مسارالثورة قد تقدم بالمصادقة على دستور ديمقراطي توافقي”، مؤكدا انه “سوف يؤثر في باقي دول الربيع العربي الأخرى”.
وما يميز الدستور التونسي الجديد هو قدرته على إحداث تعايش سياسي وديمقراطي وحقوقي بين الإسلاميين والعلمانيين، كما يتميز أيضا ببنود جعلته اكثر جرأة بالنسبة للتركيبة الثقافية والسياسةية التقليدية العربية حيث جرى فيه “تجريم التكفير، وتعددية مصدر التشريع فيه بين الدين و القوانين الوضعية إضافة إلى القوانين التي تضمن المساواة الكلية بين المراة والرجل”.
وبهذا الدستور يرى مراقبون ان تونس قد حققت أحد ابرز اهدف ثورة الربيع العربي بهذا البلد المغاربي الذي كان مصدر الشرارة الاولى لثورة الربيع العربي، ويستمر بهذا الدستور نموذجا مرة أخرى قد يوجه مسارات البحث عن الاستقرار والديمقراطية في بلدان الربيع العربي الاخرى.