يستمر ملف الصحراء عائقا أمام تطور العلاقات المغربية-الأوروبية بعدما تبين أنه يحول دون تنفيذ أحد أهم المشاريع الاستراتيجية التي يراهن عليها المغرب وتتعلق بالطاقة الشمسية. وفي الوقت ذاته، يبرز فشل المغرب في تسويق خطاب يفصل بين النزاع السياسي لملف الصحراء عن الملف الاقتصادي.
ونشرت رويترز نهاية هذا الأسبوع تقريرا مفصلا عن العراقيل التي يواجهها مشروع للطاقة الشمسية “بتكلفة نحو تسعة مليارات دولار ويهدف لتحويل شمس الصحراء إلى صادرات كهرباء مربحة إلى أوروبا، مخاطر بسبب إحجام المقرضين الدوليين عن تمويل محطات في الصحراء بسبب النزاع السياسي”.
وجاء في التقرير “ مصادر مختصة بالاقراض لدى بنك ‘كيه.إف.دبليو’ الألماني المملوك للدولة والبنك الدولي وبنك الإستثمار الأوروبي والإتحاد الأوروبي أبلغت رويترز أن تلك المؤسسات لن تمول مشروعات في الصحراء الغربية…وقال مصدر مصرفي كبير ‘إذا دعمنا تلك الإستثمارات فسيبدو ذلك كما لو كنا ندعم الموقف المغربي. نحن محايدون فيما يخص الصراع… وقال مصدر ثان ‘لم ندعم قط أي مشروع في تلك الأراضي (الصحراء الغربية) ولن نفعل ذلك رغم أن خطط الطاقة الشمسية المغربية تعني لنا الكثير…ورفضت كل المصادر الكشف عن أسمائها بسبب الحساسية السياسية للمسألة”.
هذا الموقف لمؤسسات مالية أوروبية يأتي في أعقاب مصادقة البرلمان الأوروبي على اتفاقية الصيد البحري. وهذه المصادقة، وكما أشارت الى ذلك ألف بوست في تحليل سابق، لا يمكن نهائيا اعتبارها موقفا مساندا للمغرب بل جاء نتيجة دور حاسم لدبلوماسية مدريد لأن اسبانيا هي المستفيدة الأكبر كما أن المغرب قبل بشروط مجحفة بشأن الصحراء لم تكشف عنها الرباط للرأي العام المغربي.
ويأتي هذا المستجد ليبرز رهان البوليساريو على استراتيجية توظيف الثروات الطبيعية للصحراء للحيلولة دون استثمارات دولية في منطقة الصحراء. وهذه الاستراتيجية هي الثانية من نوعها التي تطبقها بعد استراتيجية حقوق الإنسان.
ومما يساعد نجاح البوليساريو في هذا الشأن هو عدم توصل المغرب الى بلورة خطاب يفصل بين النزاع السياسي لملف الصحراء عن الملف الاقتصادي. وتكشف التجربة أن المشاريع الاقتصادية لا تتأثر كثيرا بالنزاعات بل تكون في بعض الأحيان هي القاطرة لتهيئة دعم موقف أو آخر.