تراجع المغرب في الترتيب الدولي للفساد بانتقاله من الرتبة 88 خلال السنة الماضية الى الرتبة 91 خلال سنة 2013 في التقرير الذي جرى قدمته مؤسسة الشفافية الدولية اليوم الثلاثاء.
وجاءت مرتبة المغرب في سلم 177 دولة التي شملها الدليل السنوي لمنظمة الشفافية الدولية، ترانسبرنسي أنترناشنال. ويكشف هذا الترتيب إحساس المغاربة بتفاقم الفساد رغم رفع الشعارات التي ترفعها الحكومة ومنها تخصيص ميزانيات مالية لمحاربة الفساد وخلق هيئات لمحاربة الرشوة.
ويشكل التريب الجديد تحديا حقيقيا للدولة المغربية على مستوى المؤسسة الملكية والحكومة بحكم أن المؤسستين رفعتا شعار تخليق الحياة السياسية والمالية بعد دستور 2011.
ومن ضمن أبرز العوامل التي تساعد في ارتفاع الفساد هو تستر الدولة على المعلومات بكل القطاعات الأمنية والتربوية والسياسية، وفي الوقت ذاته، عدم تحريك القضاء لمواجهة مظاهر الفساد إلا بشكل انتقائي في بعض الحالات.
وفي قصاصة لوكالة الأنباء فرانس برس، تفيد أنه وبحسب هذا التصنيف فان الدول الأكثر فسادا هي الصومال وكوريا الشمالية وافغانستان.
واعتبرت المنظمة التي تتخذ مقرا لها في برلين ان حوالى 70% من دول العالم تطرح “مشكلة جدية” على صعيد تفشي الفساد بين موظفي اداراتها الرسمية، بدون ان تمنح ايا من البلدان الـ177 التي تناولتها في تقريرها عام 2013 التصنيف الافضل.
وتعد هذه المنظمة غير الحكومية كل سنة دليلا لانتشار الفساد بين الاحزاب السياسية والشرطة والنظام القضائي والخدمات العامة في جميع البلدان، وهو ما يقوض النمو ويعيق مكافحة الفقر.
وعلق احد باحثي منظمة الشفافية فين هاينريش متحدثا لوكالة فرانس برس ان “الفساد يطاول الفقراء بصورة خاصة”.
وتابع “ما يتبين من خلال التصنيف هو ان الدول الاكثر فسادا هي الدول الاكثر فقرا وانه في هذه الدول الاكثر فقرا، فان الاقل ثراء هم الذين يعانون الاكثر من الفساد. هذه الدول لن تخرج اطلاقا من الفقر اذا لم تكافح الفساد”.
وبين الدول التي سجلت اكبر تراجع في التصنيف عام 2013 سوريا حيث يدور نزاع دام وكذلك ليبيا ومالي اللتان شهدتا في السنوات الاخيرة نزاعات عسكرية كبرى.
وقال هاينريش ان “الفساد غالبا ما يترافق مع تفكك بلد، وهو ما يمكن رؤيته في ليبيا وسوريا، البلدان اللذان سجلا اكبر تفاقم للفساد”.
واضاف “اذا ما نظرتم الى الدول في اسفل التصنيف، سوف تجدون ايضا الصومال. انها دول حيث لا تعمل الحكومة بشكل فاعل ويضطر الناس للجوء الى جميع انواع الوسائل للحصول على خدمات وتامين قوتهم وبقائهم”.
وفي افغانستان التي ستنسحب منها قوات الحلف الاطلسي العام المقبل بعد انتشار استمر اكثر من عقد “لم نسجل تقدما ملموسا” بحسب هاينريش.
وبين الدول الأكثر فسادا ايضا كوريا الشمالية التي وصفها الباحث بانها “مجتمع توتاليتاري منغلق بشكل كامل على نفسه” حيث يروي الفارون منه ان المجاعة تزيد من حدة الفساد “لانكم بحاجة الى معرفة شخص فاسد داخل الحزب لتأمين سبل معيشتكم”.
ومن بين الدول التي “حققت اكبر قدر من التحسن” ولو انطلاقا من ادنى المستويات، يذكر التقرير بورما حيث باشرت السلطات العسكرية الحاكمة عملية ادخال الديموقراطية وقد التزم هذا البلد الذي شهد اقبالا من المستثمرين باحترام قواعد الشفافية.
وقال هاينريش “انه السبيل الوحيد الذي يسمح للبلدان بتفادي ما يعرف بـ(لعنة الموارد)، أي أن تكون الموارد متوافرة فقط لنخبة محدودة جدا” وهو بحسبه “وضع نيجيريا ودول اخرى مزدهرة بفضل ثروتها النفطية”.
وحذرت رئيسة منظمة الشفافية الدولية الكندية اوغيت لابيل بان “جميع البلدان مهددة بالفساد، على جميع مستويات الحكومة، سواء حين يكون المطلوب تسليم رخصة محلية او عند تطبيق قوانين وتنظيمات”.
وشددت المنظمة عل استحالة قياس الفساد بشكل دقيق لانه يمارس خلسة وبصورة غير شرعية.
وتحدد منظمة الشفافية مؤشرها بناء على اراء خبراء في مسائل الفساد ضمن منظمات مثل البنك الدولي والبنك الافريقي للتنمية ومؤسسة برتلسمان الالمانية وغيرها.
وتصنف البلدان على سلم يتدرج من صفر الى مئة، حيث يكون البلد المصنف بدرجة صفر الاكثر فسادا.
ورأت المنظمة ان التصنيف الاخير “يرسم جدولا مثيرا للقلق” موضحة انه “ان كانت حفنة صغيرة من الدول تحقق نتيجة جيدة، الا ان ايا منها لا يصل الى العلامة الكاملة. واكثر من ثلثي البلدان تحصل على درجة دون الخمسين”.
وبين الدول الاكثر فسادا بين الدرجتين 10 و19 العراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان وجنوب السودان وتشاد وغينيا الاستوائية وغينيا بيساو وهايتي وتركمانستان واوزبكستان.
وفي اعلى التصنيف بين الدرجتين 80 و89 نجد الدنمارك ونيوزيلندا ولوكسمبورغ وكندا واستراليا وهولندا وسويسرا وسنغافورة والنروج والسويد وفنلندا.