وجه العاهل المغربي الملك محمد السادس ليلة اليوم الأربعاء خطابا الى الشعب المغربي حول نزاع الصحراء بمناسبة الذكرى 38 للمسيرة الخضراء. وحمل الخطاب نقدا لاذعا للمنظمات الحقوقية الدولية وعتاب لشركاء استراتيجيين لعدم تفهمهم الأوضاع الحقوقية في الصحراء، كما وجه اتهاما صريحا للجزائر بتوظيف الأموال ضد الوحدة الترابية المغربية وشراء المواقف الحقوقية دوليا لصالح البوليساريو.
وانتظر الرأي العام المغربي والدولي الخطاب باهتمام بسبب السياق الذي يأتي فيه والمتميز بالأزمة الدبلوماسية مع الجزائر وحساسية ملف الصحراء دوليا وخاصة في الأمم المتحدة منذ أبريل الماضي.
وبدت لاحئة الانتقادات التي اعتمدها الخطاب الملكي طويلة بشأن حقوق الإنسان الى مستوى التساؤل عن غياب الثقة بين المغرب وشركائه الاستراتجيين بشأن حقوق الإنسان في الصحراء.
وركز في البدء على بعض الصحراويين قائلا بعد الإشادة بالإصلاحات في البلاد ومنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان: “غير أن بعض الجهات والأشخاص، يستغلون فضاء الحرية والانفتاح الذي ينعم به المغرب لأغراض باطلة، وخاصة بأقاليمنا الجنوبية”. وهي إشارة واضحة الى تظاهرات الصحراويين المؤيدين لتقرير المصير في مدن مثل العيون واسمارة.
وتمتد الانتقادات الى الجمعيات الحقوقية الدولية التي يعاتبها لثقتها في روايات أشخاص يقولون أنهم يتعرضون للتعذيب بدل الثقة في الدولة المغربية وقضاءها.
وهذا العتاب والنقد يمتد الى بعض الدول وخاصة التي تجمعها علاقات استراتيجية بالمغرب. والفقرة الواردة في الخطاب حول غياب الثقة حول الملف الحقوقي يشرحه المكل بالفقرة التالية “إن بعض الدول تكتفي بتكليف موظفين بمتابعة الأوضاع في المغرب. غير أن من بينهم، من لهم توجهات معادية لبلادنا، أو متأثرون بأطروحات الخصوم. وهم الذين يشرفون أحيانا، مع الأسف، على إعداد الملفات والتقارير المغلوطة، التي على أساسها يتخذ المسؤولون بعض مواقفهم”. وهذه الفقرة تعتبر اتهاما صريحا موجها الى بعض الدول الكبرى التي تعتمد تقارير صادرة عن موظفين في سفاراتها المعتمدة في المغرب. وهنا يبدو أن الملك يتوجه بالنقد أساسا الى الولايات المتحدة وبريطانيا لأنها من الدول الرئيسية التي ترسل موظفين الى الصحراء لإنجاز تقارير.
وفي محاولة لتفسير هذه التطورات ومنها الحقوقية، يتهم الملك بصورة شبه مباشرة دولة الجزائر بتوظيف أموال لشراء المواقف المنددة بالمغرب والمؤيدة بجبهة البوليساريو. ولم يرد اسم الجزائر في الخطاب ولكن كل المؤشرات تشير إليها من خلال هذه الفقرة “غير أن السبب الرئيسي في هذا التعامل غير المنصف مع المغرب، يرجع، بالأساس، لما يقدمه الخصوم من أموال ومنافع، في محاولة لشراء أصوات ومواقف بعض المنظمات المعادية لبلادنا، وذلك في إهدار لثروات وخيرات شعب شقيق، لا تعنيه هذه المسألة، بل إنها تقف عائقا أمام الاندماج المغاربي”.
وإذا كان الملك في خطاب افتتاح البرلمان يوم 11 أكتوبر الماضي قد ركز على حساسية ملف الصحراء في الوقت الراهن والحديث عن صعوبات، ففي خطاب ذكرى 38 للمسيرة نهج دبلوماسية أقرب الى الهجومية لمواجهة الانتقادات التي توجه الى المغرب من خلال توجيه الاتهامات للأطراف التي يعتبرها مسؤولة عن تردي صورة المغرب حقوقيا على المستوى الدولي بسبب ملف الصحراء والأطراف التي لا تتفهم ما يعتبره تطورات الإصلاح السياسي في البلاد.
ونظرا لحساسية الاتهامات التي وجهها الى الجزائر، فمن شأن الخطاب أن يزيد من توتر العلاقات الثنائية مع الجزائر.
وجدد الملك تأكيده على مقترح الحكم الذاتي كحل لنزاع الصحراء، وكشف أن المغرب لن يرهن نفسه بالأمم المتحدة في هذا النزاع بل سيمضي في مشروعه التنموي في الصحراء.