تسبب الأزمة التي تفجرت بين المغرب والجزائر على خلفية الصحراء المغربية في وضع حرج لإسبانيا وفرنسا بحكم علاقاتهما مع البلدين المغاربيين، حيث سيحتم عليهما الوضع الجديد سياسة توازن حقيقية على شاكلة ما كان قد جرى قبل اندلاع الربيع العربي.
وتمر العلاقات بين المغرب والجزائر بأزمة مفتوحة في أعقاب قرار الرباط الأربعاء الماضي استدعاء سفيرها المعتمد في الجزائر للتشاور على خلفية لعب الجزائر دورا رئيسيا في تنظيم ندوة أبوجا في نيجيريا لدعم تقرير المصير في الصحراء ، وكذلك رسالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الى الندوة والتي طالب فيها بضرورة مراقبة الأمم المتحدة حقوق الإنسان.
وبدأ النزاع الدبلوماسي يتشعب بعد قرار البلدين شرح موقفهما للقوى الكبرى ومنها دول الاتحاد الأوروبي وأساسا فرنسا واسبانيا. في هذا الصدد، استدعى وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار سفراء الدول المعتمدين في مجلس الأمن وكذلك بعض سفراء الاتحاد الأوروبي وعلى رأسهم اسبانيا وفرنسا لشرح وجهة نظر المغرب.
ويؤكد مصدر دبلوماسي اسباني متقاعد عمل في المغرب سابقا لألف بوست “لم يكن لإسبانيا سياسة قارة بشكل كبير تجاه المغرب العربي بسبب نزاع الصحراء والصراع القائم بين المغرب والجزائر على زعامة المغرب العربي. وخلال السنتين الأخيرتين، أي بعد الربيع العربي أرسينا سياسة معتدلة ومنطقية وساعدنا في ذلك انشغال الجزائر والمغرب بالشؤون الداخلية لأن تطورات الربيع العربي كانت تنذر بالكثير”.
ويتابع “ومع الأزمة الجديدة وأمام تلاشي تأثيرات الربيع العربي واهتمام المغرب والجزائر بالخارج أكثر، تجد دبلوماسية مدريد نفسها في وضع محرج للغاية لأن اسبانيا كانت قوة استعمارية في الصحراء. وكالعادة، سيعمل المغرب والجزائر على استمالة تعاطف مدريد لتأييد هذا الطرف أو ذاك خاصة وأن اسبانيا ستصبح في ظرف شهرين عضوا غير دائم العضوية في مجلس الأمن، وهذا سيجعلها تتعرض للكثير من الضغط”.
ومن خلال التجارب السابقة، عندما تشتد الأزمة بين المغرب والجزائر على خلفية الصحراء، تتعرض مدريد للنقد والاتهامات بدعم هذا الطرف أو ذاك رغم محاولاتها الحفاظ على توازن مقبول.
وستعمل مدريد على تجنب شرارة الأزمة المغربية-الجزائرية بعد توليها مقعد في مجلس الأمن لأنها ستتعرض لضغفط حقيقي، وكل خلل في دبلوماسيتها تجاه الجارين الجنوبيين قد يكلفها كثيرا كما كان يحدث في السابق.