تنتظر سبعة آلاف امرأة مغربية من العاملات في حقول الفراولة مصيرهن بصبر ممزوج باليأس بعدما تعذرت عودتهن إلى المغرب بسبب إغلاق الحدود ثم الشروط القاسية التي وضعتها سلطات الرباط بعدما فتحت الحدود استثنائيا.
وبشهر قبل إغلاق الحدود خلال مارس/آذار الماضي وتحول كورونا فيروس إلى وباء عالمي، وصلت أكثر من سبعة آلاف امرأة إلى حقول الفراولة في إقليم ويلفا جنوب غرب الأندلس للعمل في جني هذه الفاكهة. وما بين فبراير ويونيو الماضيين، عملت العاملات الموسميات في ظروف صعبة نتيجة خوفهن من الفيروس.
وبعد رفع إسبانيا الحجر الصحي منذ شهرين والعمل فقط بحالة الطوارئ وانتهاء موسم الجني منذ شهر، تنتظر المغربيات بفارغ الصبر كيفية العودة إلى الوطن وإلى حضن عائلاتهن.
وسيفتح المغرب حدوده استثناء عبر بعض المطارات وعبر نقطتين بحريتين، إيطاليا وفرنسا، يوم الأربعاء المقبل، واشترط السفر على متن شركتين جويتين فقط علاوة على ضرورة تقديم تحليلتين طبيتين للتأكد من خلو الإصابة بكورونا فيروس ولا تقل مدتها عن 48 ساعة قبل السفر.
ويقول عزيز الديش وهو ناشط في أوساط الهجرة في إسبانيا لجريدة “القدس العربي”: “نسبة كبيرة من النساء أميات، أتين من المجال القروي العميق للمغرب، تعد هذه الشروط تعجيزية”. ويضيف: “النساء تقمن مؤقتا في منطقة هويلفا، ولا توجد الظروف اللوجيستية طبيا لإجراء التحاليل الطبية التي يطالب المغرب بها، نتحدث عن سبعة آلاف من النساء في منطقة واحدة وليس في مجموع إسبانيا”.
وتقول امرأة من المغربيات العالقات في ويلفا: “التحاليل التي يطالب بها المغرب تكلف أكثر من 200 يورو، ويتوصل المرء بالنتيجة بعد أيام، والمغرب يطالبنا بأن شهادة التحليل لا يجب أن تتعدى 48 ساعة قبل السفر، هذا يعني منعنا من العودة الى البلاد”. وتستمر في تصريحها: “فقد أتت النساء إلى إسبانيا بطريقة بسيطة من طنجة إلى الجزيرة الخضراء في السفينة ثم عبر الحافلة إلى منطقة ويلفا ولا يمكنهن الرجوع سوى بهذه الطريقة. نسبة من النساء لا يمتلكن حسابا بنكيا ولا بطاقة ائتمان لكي يشترين تذكرة الطائرة، وجلهن لا علاقة لهن بعالم التجارة الإلكترونية، فقط يعرفن استعمال واتساب للتواصل مع عائلاتهن”.
وتقول رفيقة لها عبر واتساب: “نحن نعود من ويلفا إلى منطقة الأطلس وسط المغرب بـ70 يورو، والتذكرة تساوي أكثر من 300 يورو، هذا غير معقول”.
ويوجد قرابة 28 ألف من العالقين المغاربة باحتساب النساء العاملات الموسميات الذين لم يستطيعوا العودة حتى الآن، لكن وضعية نساء ويلفا صعبة للغاية، فقد انتهى عقدهن منذ أكثر من شهر، ومن جهة أخرى عليهن مغادرة المنازل التي يقمن فيها ولا يعرفن كيف يعدن إلى المغرب.
وتأتي العاملات الموسميات للعمل في جني الفراولة منذ أكثر من عقد بموجب اتفاق بين حكومتي الرباط ومدريد. ونقلت وكالة أوروبا برس تفكير أرباب المزارع بعدم الاعتماد على اليد العاملة المغربية الموسم المقبل نتيجة عدم تحمل الحكومة المغربية مسؤولية إجلاء العاملات، ويطرحون اللجوء إلى أوروبا الشرقية لسد الخصاص في اليد العاملة.
ووسط كل هذا، تقول سعيدة: “نكتفي بالجلوس صباح مساء في جماعات نتبادل الحديث وننتظر من المسؤولين عن بلدنا خطوة للتخفيف عنا، فقد فقدنا الأمل في العودة السريعة في انتظار استئناف الرحلات البحرية عبر طريق جبل طارق لأنها المنفذ الوحيد لكي نعود إلى أهلنا”. وتضيف بصوت مبحوح ويائس: “لا أدري متى سأرى أولادي الذين تركتهم مع أمي”. إنها مأساة من مآسي كورونا فيروس، إنها مأساة المنسيات في هويلفا. مأساة سبعة آلاف مغربية منسية في هويلفا في انتظار العودة إلى الوطن.