افتتاحية: لنفتخر بمنصف السلاوي

مراسيم تعيين منصف السلاوي في البيت الأبيض

عين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مراسيم في البيت الأبيض في واشنطن يوم الجمعة 15 مايو الجاري منصف السلاوي المغربي الأصول منسقا عاما للجنة البحث عن لقاح ضد فيروس كورونا الذي حكم على معظم البشرية بالحجر الصحي.

ويأتي التعيين تتويجا لعمل منصف السلاوي الذي خصص حياته للبحث العلمي وخاصة في مجال اللقاحات سواء في كبريات الجامعات مثل هارفارد أو شركات صناعة الأدوية. وقال الرئيس ترامب وهو يخاطب منصف السلاوي أنه مفخرة للولايات المتحدة

ومنذ تسريب جريدة بوليتيكو الأمريكية الأربعاء من الأسبوع الجاري خبر تعيين ترامب لمنصف السلاوي في منصبه العلمي الرفيع، تشهد شبكات التواصل الاجتماعي في المغرب نقاشا عاصفا حول هذا الباحث، ومنها ما كتبته ألف بوست بمنعه من إعطاء محاضرات في الجامعة المغربية إبان التسعينات علاوة على عودة ملف هجرة الأدمغة التي تشكل نزيفا للمغرب. ويأتي هذا التعيين الذي يشرف كل المغاربة، وهو ما أعرب عنه الكثيرون، ليكشف واقعا مقلقا في المغرب وهو:

في المقام الأول، لا يمكن لباحث من مستوى منصف السلاوي البروز والظهور في المغرب لسبب بسيط وهو ضعف البحث العلمي، فالجامعة المغربية حديثة النشأة لا يمكن مقارنتها بكبريات الجامعات التي لديها موارد ضخمة وتاريخ عريق يمتد الى قرون وراكمت من المعرفة وأجيال الباحثين الشيء الكثير. مثلا، جامعة أوكسفورد لديها تسعة قرون من تراكم المعرفة والتجارب. ولا تتوفر الجامعة المغربية على مختبرات متقدمة تسمح بتجارب متطورة، ورغم وجود طاقات واعدة إلا أن محدودية الوسائل تبقى عائقا ضد أحلامهم في البحث العلمي، ويكون الحل هو الهجرة.

في المقام الثاني، رغب منصف السلاوي في التدريس مجانا في كليتي الطب في الرباط والدار البيضاء وإلقاء محاضرات إبان التسعينات، وبعد قبول طلبه في البدء جاء الرفض وجمع حقائبه وعاد إلى بلجيكا ليعمل باحثا ثم انتقل الى الولايات المتحدة ليجمع بين البحث العلمي والتدريس. ومن أسباب رفض بعض الجهات السلاوي، وفق بعض أصدقاءه القدامى،  التدريس وقتها  في المغرب هو ماضيه النضالي في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب حيث كان مسوؤلا في مكتب بروكسيل ما بين 1978 الى 1982 ثم في حركة الى الأمام من جهة، وبسبب التقارير الأمنية والاستخباراتية التي تمارس الفيتو ضد أي باحث له ماض سياسي لا يتماشى والخط السياسي الرسمي من جهه أخرىوهي ظاهرة مستمرة الآن وبشكل فظيع وتعرقل تطور البلاد الى مستويات قد تصل  الى …ويضاف الى هذا هيمنة طبقة من الأساتذة في الجامعة المغربية الذين يحاربون كل وافد جديد خوفا على كراسيهم. وهناك حالات مثل السلاوي لباحثين اضطروا العودة الى الخارج. ومن ضمن الأحداث، اقترح مجموعة من الباحثين المتخصصين في الفيروسات على المسؤولين المغاربة سنة 2009 عند ظهور وباء  H1N1 ضرورة إنشاء مختبرات في عدد من مناطق المغرب تحسبا لأي وباء مستقبلا قد تتعرض له البلاد، وكانت الميزانية المقترحة هي ملياري سنتيم، أي  15 %  من ميزانية مهرجان كبير في البلاد، وجرت السخرية منهم. ويرى الرأي العام كيف أنه من أسباب عدم الاحتواء السريع لفيروس كورونا هو قلة المختبرات في المغرب قبل توسيعها منذ شهر بعدما كان مختبرا  الرباط والدار البيضاء وأصبحت الخريطة الآن تضم مراكش وفاس ووجدة وأكادير وطنجة وتطوان.

وفي المقام الثالث، تفاجئ المغاربة بوجود باحث عملاق من حجم منصف السلاوي وهو الذي لم يحصل من قبل على أي وسام ملكي أو يتم تكريمه، وهذه معضلة في حالة الأخ بعين الاعتبار الأوسمة التي منحت والتكريمات التي أجريت لشخصيات تافهة في هذا الوطن. وهذا مؤشر مقلق على غياب مستشار له تكوين علمي متين ويحترم العلم والعلماء ضمن فريق مستشاري الملك.

بغض النظر عن السلبيات والإيجابيات، يبقى منصف السلاوي الذي كون نفسه بنفسه ووصل الى أعلى المستويات العلمية عالميا بدون باك صاحبيأو المخزن راضي عليكمفخرة للشعب المغربي، لاسيما في هذه الظروف التي تنتظر فيها البشرية اللقاح لمواجهة فيروس كورونا.

Sign In

Reset Your Password