في حلة جديدة ، وإخراج أنيق . صدر العدد 64 من مجلة ” وجهة نظر “، وقد تضمن العدد 64 ، الخاص بربيع هذه السنة ، إلى جانب ملف عن ” بؤس الفكر السياسي الحزبي المغربي ، دراسة افتتاحية مطولة عن ” التفكير الحر والعلمانية ” من تحرير الدكتور الراحل مجيد خدوري , أحد الأساتذة المبرزين واللامعين بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية .
تستمد هذه الدراسة مقومات إعادة نشرها ، من كونها تحاول الإجابة عن الأسئلة الحارقة التي تنطرح في العالم الاسلامي في وقتنا الراهن ، وفيها رصد دقيق ومفصل لمسارات التفكير الحر والعلمنة في العالم الاسلامي ، ابتداء من التاريخ الذي فصلت فيه تركيا الجديدة على أنقاض الامبراطورية العثمانية ، السلطة الدينية عن السلطة الزمنية ، متخلية عن الخلافة ، وما صاحب ذلك من لغط من طرف القوى المحافظة على امتداد العالم الاسلامي . يحضر في هذه الدراسة، شيخ العلمانيين العرب ” علي عبدالرازق ” بأطروحته حول ” الخلافة ” ، والتي أكد فيها أن الخلافة ليست متأصلة في الاسلام ، وهي لذلك ليست ضرورية ، ومن تم أسس لدعوته حول فصل الدين عن الدولة .
وإلى جانب الصخب الذي أحدثه صدور هذه الأطروحة ، تحضر في هذه الدراسة تلك النقاشات الحية والمثيرة التي جرت بين المجددين والمحافظين ، من مثل أطروحات طه حسين المتشككة في الشعر الجاهلي ، ومصطفى صادق الرافعي . كما تعرضت هذه الدراسة إلى جماعة ” اللا أدرية ” التي تجسدت من خلال الدراسات التي كانت تنشر في مجلة ” العصور ” ، والتي أبانت عن اهتمام شديد بالمعرفة العلمية الغربية ، والتي تمثلت في كتابات ” شبلي الشميل ” ، وأشعار ، الشاعر العراقي ” جميل صدقي الزهاوي “، وفي كتابات ” سلامة موسى ” و ” اسماعيل مظهر ” و ” عبدالله القصيمي ” . تتضمن أيضا هذه الدراسة ، عرضا للعلمانية التشريعية ، ممثلة في أطروحات ” عبد الرزاق السنهوري ” ، لتنتهي بعرض خارطة طريق لإنجاز اصلاح شامل للإسلام ، وهو ما تتطلبه الوقائع الدائر رحاها في وقتنا في العالم الإسلامي.
بخصوص الملف المنجز من قبل مجلة ” وجهة نظر ” المعنون ب ” بؤس الفكر السياسي الحزبي المغربي ” ، يعمل هذا الملف على تعرية مضامين الأدبيات السياسية للأحزاب المغربية ، مسجلا تلك القطيعة التي حدثت على هذا المستوى منذ سنة 1975 من القرن الفارط ، حيث توقف الاجتهاد النظري الذي كان قد أولاه الآباء المؤسسون بعض الاهتمام .
يفتتح هذا الملف الأستاذ ” عزيز لزرق ” ببحث في ” المداخيل الأولية للتفكير في أزمة الجدال العمومي ” ، وبحسب هذه الدراسة فإن التفكير يقتضي ضرورة الالتنقاد والجدال العمومي ، فهو يتجذر حينما يتسع المجال للتفكير المغاير ، فبعيدا عن معسكرات التأييد والاعتراض ، وبعيد عن منطق التآخي والمجاملات أو التآمر والعداوات ، يتوطد الجدال العمومي بما هو تفكير علني حر ، وليس مجرد سجال إقصائي في منطلقه ومنتهاه ، عندما يكون القول مفصولا عن الفعل ، فإننا نتكلم كثيرا ، ونمارس قليلا ، وعندما يكون الفعل مفصولا عن الفكر فإننا نمارس كثيرا ونفكر قليلا .
لدى سلالة أحزاب الحركة الوطنية المغربية ، عرت دراسة ” الأستاذ عثمان الزياني ” واقع هذه الأحزاب الفكري ، وخواءها النظري ، منطلقا من كون السياسة هي عمياء من دون فكر ونظرية ، وهي القاعدة التي بمقتضاها عملت تيارات سياسية وأجيال من السياسيين في العالم ، ووفق هذه المقولة عملت الدراسة على كشف العورة الفكرية والتنظيرية لكل من حزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية وحزب الاتحاد الاشتراكي .
” الأستاذ عبد الغني القباج ” ساهم في هذا الملف بقراءة نقدية في تصورات مكونات فدرالية اليسار الديمقراطي لكل من تيمات الانتخابات والملكية والديمقراطية وحقوق الانسان. مؤكدا في هذا الشأن على أن التحولات التي عايشها العالم بعد انهيار جدار برلين ، انعكست نتائجها على اليسار في المغرب ، الذي بات يعاني من فقر نظري وسياسي ، وعجز عن ابداع ممارسة سياسية ديمقراطية نقدية جديدة بأساليب ووسائل جديدة تتجادل وتفعل وتتفاعل مع الواقع الاجتماعي والسياسي للطبقات التي تتدعي الدفاع عن مصالحها . في هذه الدراسة تحضر تصورات كل من ا