في حدث وصفه بعض المراقبين بالتاريخي، تقدم الرئيس الألماني يواخيم غاوك والمستشارة أنغيلا ميركل مظاهرة في برلين، دعا إليه المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا للتسامح وللتنديد بالإرهاب، وبمشاركة زعماء الجالية المسلمة في البلاد.
تجمع نحو عشرة آلاف شخص مساء الثلاثاء (13 كانون الثاني/ يناير 2015) في قلب العاصمة برلين يتقدمهم الرئيس الألماني يواخيم غاوك والمستشارة أنغيلا ميركل ونائبها زيغمار غابرييل، رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي وعدد من قادة الأحزاب الرئيسية وزعماء الجالية المسلمة في ألمانيا. وندد المتظاهرون بالهجمات الإرهابية التي استهدفت باريس ومظاهر العداء للإسلام والأجانب، ودعوا للتسامح والانفتاح.
وقال الرئيس الألماني يواخيم غاوك في كلمة ألقاها من على منصة نصبت أمام بوابة براندبورغ المنارة بألوان العلم الفرنسي “كلنا ألمانيا، نحن الديمقراطيين بخلفياتنا السياسية والثقافية والدينية المختلفة، نحترم ونحتاج بعضنا البعض”. وتابع “نحن من يؤمن بقدرتنا على العيش بالطريقة التي نرغب فيها جميعا: في إطار الوحدة والقانون والحرية”، وهو شعار ألمانيا الفدرالية. وتابع غاوك أن ألمانيا “باتت أكثر تنوعا على المستويين الديني والثقافي بفضل الهجرة”.
وبالرغم من أن ميركل لم تلق خطابا في الحشد فإن حضورها كان واضحا وحمل دلالات كثيرة تضفي خصوصية على هذه المسيرة النادرة في برلين. وكانت ميركل قد استعادت مقولة الرئيس الألماني السابق كريستيان فولف الشهيرة “الإسلام جزء من ألمانيا” معربة عن أملها بأن يوجه هذا التجمع “إشارة قوية جدا دفاعا عن التعايش الهادئ بين أتباع مختلف الأديان”.
وقام المسؤولون في المنظمات الإسلامية بوضع باقة من الزهور البيضاء أمام مقر السفارة الفرنسية قرب بوابة براندبورغ كتب عليها “الإرهاب: لا يحدث باسمنا”. وقال رئيس المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا أيمن مزيك إن “الإرهابيين لم يربحوا ولن يربحوا” قبل أن يطلب الوقوف دقيقة صمت تكريما لذكرى الضحايا الـ17 للاعتداءات التي وقعت في فرنسا. وأضاف “هل كان الإرهابيون يريدون الانتقام للنبي؟ كلا. لقد ارتكبوا معصية بعملهم هذا”.
وألقى نائب رئيس المجلس المركزي ليهود ألمانيا ابراهام ليهرير كلمة قال فيها انه “يدين بشدة أعمال الانتقام خصوصا الاعتداءات التي استهدفت المساجد”. وأعرب المسؤول اليهودي عن “عميق احترامه” للشاب لاسانا باتيلي الموظف المسلم المالي في المتجر الخاص بالأطعمة اليهودية في باريس الذي تعرض الجمعة الماضي إلى اعتداء. فقد قام هذا الشاب بمساعدة عدد من زبائن المتجر على الاختباء في غرفة طيلة فترة احتجاز الرهائن.
ورفع الحشد الذي قدر بعشرة آلاف لافتات مثل “انأ مسلم أريد أن أعيش لا أن أقتل” و”مسلمو ألمانيا متضامنون مع ضحايا التطرف الإسلامي في باريس ونيجيريا والعالم أجمع. نحن ضد معاداة السامية والحقد”.
وتأتي هذه المظاهرة بعد يوم واحد من خروج عشرات الألوف من الألمان في عدة مدن ضد ومع حركة “بيغيدا” المعادية للإسلام والمعروفة باسم “وطنيون أوروبيون ضد أسلمة أوروبا”. وبينما تظاهر أكثر من 100 ألف ضد الحركة في لايبزيغ وميونيخ وهانوفر وبرلين، تجمع 25 ألف شخص من أنصارها في معقلها في مدينة دريسدن بشرق البلاد.