وصلت الحرب الباردة إلى نزاع الصحراء بقوة في الأمم المتحدة بعد الاختلاف الأمريكي – الروسي على مسودة القرار الذي يجب على مجلس الأمن المصادقة عليه لتمديد مهام قوات المينورسو. ويتجاوز الوضع الجانب السياسي إلى الجانب العسكري، حيث هناك تساؤلات حول هل سمحت روسيا للجزائر بتفويت أسلحة متطورة إلى جبهة البوليساريو؟
وعادة ما تتولى الولايات المتحدة تحرير نص القرار الذي يصادق عليه مجلس الأمن الدولي وتعرضه على باقي الدول الأعضاء وخاصة ما يعرف بمجموعة “أصدقاء الصحراء الغربية” المكونة من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا واسبانيا. وتؤكد مصادر أممية لـ «القدس العربي» وما تناولته كبريات الوكالات مثل «فرانس برس» رفض روسيا للنص الأمريكي الذي كان من المنتظر التصويت عليه أمس الأربعاء لأنها اعتبرته غير متوازن ويميل نسبياً إلى المغرب. كما أيدت إثيوبيا الموقف الروسي، بينما لم تبد باقي الدول تحفظات تذكر. ويهدف القرار الأممي إلى تجنيب المغرب والبوليساريو الحرب لاسيما بعد تهديد المغرب العودة إلى السلاح لطرد أفراد هذه الحركة من المنطقة العازلة وهي التي تقع وراء الجدار العسكري الفاصل. ووفق المعطيات التي حصلت عليها «القدس العربي»، تحفظت روسيا على القرار الأمريكي بسبب عدم ذكر موقف الأمم المتحدة الذي يبرأ جبهة البوليساريو من خرق الاتفاق العسكري بينما جرى التركيز على تهديد البوليساريو للحدود بين موريتانيا والمغرب في الصحراء وهي نقطة «الكركرات»، وفي الوقت ذاته عدم التنصيص على تاريخ محدد لاستئناف مفاوضات البحث النهائي عن الحل للنزاع.
وبهذا تكون موسكو قد عارضت واشنطن في نزاع الصحراء رغم أن القرار لا يميل بشكل بارز للمغرب بل تغاضى عن نقط سلبية للمغرب وإيجابية للبوليساريو. وهذا التوتر حول القرار يبرز بشكل بارز كيف تنتقل المواجهة بين موسكو وواشنطن إلى قضايا دولية متعددة وليس فقط الملف السوري. وهناك تجليات أخرى للموقف الروسي، المتعارف عليه والذي لا يعتبر جديداً هو دعم الجزائر لجبهة البوليساريو دبلوماسيا وعسكريا، وهذه المعطيات ليست سرية بل تتباهى بها الجزائر.
وعلاقة بالأسلحة، زودت الجزائر البوليساريو بالعتاد الرئيسي علاوة على مساعدات تلقتها من دول أخرى مثل ليبيا في الماضي. والتساؤل: هل زودت الجزائر البوليساريو خلال السنوات الأخيرة البوليساريو بأسلحة متقدمة وخاصة المضادات للطيران. لقد أجرت البوليساريو مناورات عسكرية بالدخيرة الحية، واستعملت مدافع رشاشة لا يستهان بها، بل وقامت باستعراضات عسكرية تتضمن دبابات روسية وأنظمة مضادة للطيران روسية الصنع. وخلال الشهور الماضية، تابعت بعض الدول الأوروبية باهتمام وقلق كبيرين، هل جرى تسليم أنظمة مضادة للطيران متقدمة البوليساريو ستشكل خطراً على المقاتلات المغربية إف 16 الأمريكية الصنع. والمتعارف عليه، أن هذه الأسلحة مثل المضادات للطيران والدبابات والمدرعات والرشاشات الثقيلة ليست بالبنادق مثل الكلاشينيكوف التي يمكن اقتناؤها في عدد من مناطق العالم بل أسلحة تخضع لاتفاقيات دقيقة ومنها عدم تحويلها إلى طرف ثالث إلا بترخيص مسبق من الدولة المصنعة. وعليه، هل سمحت روسيا للجزائر بتزويد البوليساريو بأسلحة جديدة، إذ أن المناورات التي أجرتها البوليساريو خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي كانت بأسلحة مختلفة عن تلك التي حاربت بها الجيش المغربي إبان الحرب ما بين سنتي 1976-1991.
إن الأمر لم يعد يتعلق بدعم الجزائر عسكريا للبوليساريو لأن هذا من المسلمات البديهية، كما أن تفوق الجيش المغربي معطى جلي للغاية مهما كان هذا الدعم، لكن ما هي درجة سماح روسيا للجزائر بتزويد البوليساريو بسلاح متقدم بينما سياسيا تتبنى موقفاً محايداً في النزاع.
إذا اندلعت أي حرب، سيكون من مصلحة روسيا إسقاط البوليساريو مقاتلات مغربية، لأنها هذا سيخدمها على مستويين: الأول وهو إظهار قوة مضادات الطيران الروسية الصنع رغم أنها قديمة في هذه الحالة، والثاني جعل الكثير من دول العالم تتجنب اقتناء مقاتلات أمريكية لصالح المقاتلات الروسيةu
موسكو تعارض قرار واشنطن حول الصحراء وتساؤل حول ترخيصها للجزائر لمد البوليساريو بأسلحة متطورة
مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة