قدمت المفوضية الأوروبية، الأربعاء من الأسبوع الجاري، مقترحا حول خطة تحرك الجيوش الأوروبية لمواجهة الأخطار الداخلية والتدخل خارج الحدود وقت الأزمات، ويتزامن هذا مع ارتفاع التوتر مع روسيا وضغط الولايات المتحدة على شركائها الأوروبيين للتحرك عسكريا لحماية أنفسهم بدل الاعتماد عليها فقط.
وتنص الوثيقة التي تنعت بـ«شينغن العسكري»، على سرعة وحرية تنقل الجيوش مثل حرية تنقل ساكنة دول الاتحاد الأوروبي، وعلى التنسيق بين دول الاتحاد لتسهيل عملية نقل المعدات العسكرية وسط الفضاء الأوروبي، وأساسا تجاوز العراقيل الإدارية ورصد الطرق المناسبة لعملية التنقل السريعة.
وتواجه دول الاتحاد الأوربي ثلاثة تحديات كبرى، الأول ويتجلى في استمرار هذه الدول بالتشبث بالسيادة العسكرية رغم الانفتاح في معظم باقي المجالات التجارية والأمنية والدبلوماسية، حيث لا يزال التنسيق بين الجيوش الأوروبية في مستواه الأدنى. ويبقى التحدي الثاني والخطير هو ما أصبحت تشكله روسيا على أمن أوروبا خاصة بعد المناورات العسكرية خلال السنة الماضية التي تسمى «زاباد»، وتمثلت وفق الأوروبيين في غزو أوروبي سريع لبعض مناطق أوروبا على شاكلة مع وقع في جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمتها موسكو الى أراضيها السياسية. وتشهد العلاقات الثنائية توترا بعد قرار الدول الأوروبية طرد عشرات الدبلوماسيين الروس في أعقاب ما يفترض تسميم موسكو لعميل روسي سابق «سكريبال» يعيش في بريطانيا، بينما التحدي الثالث هو الذي طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما طالب الأوروبيين بالرفع من ميزانياتهم العسكرية بدل الاعتماد على الولايات المتحدة لحمايتهم.
وستكون البداية وفق تصريحات المفوضة المسؤولة عن النقل، فيوليتا بولك، مع تحديد الطرق في دول الاتحاد الأوروبي التي تستوعب نقل العتاد العسكري. وكان خبراء قد حذروا من وجود مئات القناطر الصغيرة وسط دول الاتحاد التي تعيق تحرك المدرعات والشاحنات العسكرية. ويعتقد أنه في ظرف سنوات قليلة، سيكون مخطط تحرك الجيوش بسرعة وسط الاتحاد الأوروبي قابلا للتنفيذ.
ولم يشر الاتحاد الأوروبي الى روسيا كمصدر خطر وراء هذا المبادرة العسكرية، ولكن فيوليتا بولك قالت «ما قد يحدث في العلاقات الدولية أشياء غير منتظرة وراء هذه المبادرة الأوروبية». وحول هذه النقطة، نقلت جريدة «لوسوار» البلجيكية عن دبلوماسي أوروبي قوله إن «تزامن هذا المخطط العسكري يأتي في ظل تصاعد التوتر مع روسيا، ولا يمكننا القول باستحالة نشوب نزاع عسكري في أوروبا».
ومن جانبه، يفسر الجنرال الأمريكي بن هودج رئيس القوات الأمريكية في أوروبا سابقا «نحن في حاجة الى فضاء شينغن عسكري. الروس يتمتعون بحرية الحركة في مجموع أراضيهم الشاسعة. ونحن في حاجة الى التحرك سريعا لمواجهة القوات المعادية وردعها». ومن ضن الأمثلة التي ساقها مسؤول أوروبي حول هذه العراقيل الإدارية «في حالة نشوب نزاع مسلح، لا نمتلك كيفية رصد الطرق المناسبة ولا الإجراءات البيروقراطية لنقل مدرعة من هولندا إلى استونيا».
وسيكون الحلف الأطلسي شريكا في المبادرة الأوروبية، وفق الوثيقة التي قدمتها مسؤولة العلاقات الخارجية والدفاع في الاتحاد الأوروبي، فديريكا موغيريني. وكانت قيادة الحلف الأطلسي هي التي ضغطت على الأوروبيين (القدس العربي 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2017) لتسطير هذا المخطط.
ويلاقي هذ المخطط اعتراضا من طرف الأحزاب اليسارية الراديكالية في البرلمان الأوروبي. وكان خافيير كوسو وهو نائب رئيس اللجنة البرلمانية الأوروبية المكلفة بالعلاقات الخارجية قد صرح وقتها أن «الهدف من هذا البرنامج العسكري هو نقل القوات، ولكنه سيزيد من التوتر مع روسيا والاتحاد الأوروبي، لأن هذا الأخير هو الذي يوجد في المواجهة وليست الولايات المتحدة».
الاتحاد الأوروبي يصادق على «شينغن عسكري» لمواجهة تهديدات روسيا
جنود أوروبيين أمام مقر الاتحاد الأوروبي/ رويترز