أزمة حراك الريف: فرنسا تدافع عن الحريات وهولندا تخفض من سلّم الأمن في المغرب من الأخضر إلى الأصفر

من تظاهرات الحراك الشعبي في الريف

يهتم بعض الدول الأوروبية بتطورات ملف الحريات في الريف شمال المغرب بحكم تواجد جالية مغربية متحدرة من المنطقة في أوروبا، وقد أعرب بعض الدول الأوروبية عن موقف له من هذا الملف، وعلى رأس هذه الدول فرنسا التي تعتبر الحليف الرئيسي للمغرب في العالم، لكن التطور الكبير هو الذي يحصل في هولندا.
وكان القضاء المغربي قد حكم بداية هذا الأسبوع الجاري بعقوبات قاسية في حق العشرات من نشطاء الريف المغربي ومن ضمنهم أحد أبرز وجوه الحراك الشعبي في الريف ناصر الزفزافي بعشرين سنة سجنا، وهو الحراك الذي كان يطالب بالشغل والتعليم والصحة.
ونظراً لوجود جالية مغربية كبيرة متحدرة من منطقة الريف في أوروبا ومنهم من يتولى مناصب وزارية وحكومية في حكومات أوروبا، فيحضر هذا الملف لدى بعض الحكومات والبرلمانات والجالية. في هذا الصدد، علقت فرنسا على الأحكام التي صدرت في الريف، وقالت وزارة الخارجية الفرنسية «نعرب عن تمسكنا باحترام الحريات العامة… ونحن أيضا جد واعون بالوضع الاقتصادي والاجتماعي في الريف ونقوم بعمل تعاوني مع السلطات المغربية، عبر وكالة التنمية الفرنسية، لصالح سكان المنطقة».
وبهذا الموقف تكون فرنسا قد وازنت بين دفاعها عن حرية التظاهر والتعبير في الريف، ووجدت للدولة المغربية مخرجاً بعدم تلبية المطالب الاجتماعية بسبب صعوبة الوضع الاقتصادي.
بينما نأت الحكومة الإسبانية بنفسها عن ملف الريف. وقال وزير خارجية اسبانيا جوسيب بوريل في الرباط يوم الخميس من الأسبوع الجاري بعد زيارة رسمية أن موضوع الريف هو شأن داخلي مغربي. وفسر المهتمون بالعلاقات الثنائية تصريح الوزير بتجنب إبعاد غضب الرباط في وقت تسعى فيه الى إقناع المغرب بمراقبة قوية لشواطئه لمحاربة الهجرة السرية.
لكن التطور الكبير هو الذي شهده البرلمان الهولندي مساء الخميس، حيث عقد جلسة خاصة لتدارس ملف الريف بطلب من أحزاب سياسية وكذلك بمبادرة أولية من جمعيات حقوقية مثل العفو الدولية ومنظمة الريف أليرت.
وكانت منظمة العفو الدولية قد قدمت الى البرلمان الهولندي تقريراً تصف فيه معتقلي الريف بمعتقلي الرأي لأن اعتقالهم جاء بسبب مطالبهم الاجتماعية المتمثلة في تحسين أوضاعهم المعيشية من صحة وشغل وتعليم. وطرحت منظمة الريف أليرت، وفق أحد نشطائها، جمال الكتابي عدداً من القضايا المرتبطة بالمهاجرين المغاربة المتحدرين من الريف والمواطنين الهولنديين ذوي الأصول الريفية ومنها حق منح فرصة اللجوء الى المغاربة الهاربين من الريف بحكم عدم وجود ضمانات أمنية للنشطاء في الريف.
وفي رده على أسئلة نواب بعض الأحزاب مثل الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الليبرالي وحزب دي 66، اعترف وزير الخارجية ستيف بلوك، وفق مصادر حضرت الجلسة وصرحت لـ «القدس العربي» بوجود مخاطر تتهدد زيارة الهولنديين من أصل مغربي الى الريف، وأكد أنه تقييماً لسلامتهم فقط جرى تغيير تقييم الوضع الأمني في المغرب من الأخضر الى الأصفر الذي يعني وجود مخاطر تهدد سلامة الهولنديين.
وتابع أنه جرى اتخاذ هذا القرار بعد التحذيرات التي توصل بها من طرف وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة باحتمال اعتقال الهولنديين من أصل مغربي إذا قاموا بما يمس سلامة المغرب. وشدد ستيف بلوك على أحقية هولندا معالجة ملف الريف بسبب وجود مئات الآلاف من الهولنديين من أصل ريفي ويجب تجاوز أي خلل قد يدفع الى اعتقال البعض منهم في حالة زيارتهم الى المغرب، وبالتالي تفادي أزمة بين الرباط وأمستردام وبين الرباط والاتحاد الأوروبي.
ونبّه نواب هولنديون الى خطورة هذا الأمر، فهو يعني وفقهم تقييد المغرب لحرية التعبير للهولنديين من أصول مغربية، وهو ما اعتبروه خطراً يمس الدستور الهولندي. ونبّه بعض الأحزاب من إقدام المغرب على محاكمات غيابية في حق هولنديين من أصل مغربي.
كل هذه التطورات، تبرز مدى تحول ملف الريف الى مصدر للتوتر بين المغرب وأوروبا إذا لم تتم معالجة هذا الملف على المدى القريب.

Sign In

Reset Your Password