يصنف المغرب من ضمن دول العالم التي لا تخضع لمراقبة دقيقة من وكالة الأمن القومي المتخصصة في الاستخبارات الالكترونية والرقمية. وجمعت هذه الوكالة أكثر من 97 مليار معطى في شهر مارس وحده حول العالم، وقد تكون حصة التجسس على المغاربة ما بين 200 مليون الى 250 مليون معطى، وهذا يجعلها تتوفر على معطيات أكثر بكثير من مختلف الأجهزة الاستخباراتية المغربية حول المغاربة.
ويعيش العالم على إيقاع فضيحة تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية على مختلف الاتصالات الالكترونية والرقمية والهاتف بعدما نجحت في إقناع كبريات الشركات العالمية الفايسبوك وياهو وغول وميكروسوفت وآبل ضمن أخرى في السماح ها بأخذ ما يتم تسجيله في خوادمها. وانفجرت هذه الفضية التي تضع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في موقف حرج للغاية بعدما هرب موظف من وكالة الأمن القومي إدوارد سنوودين الى هونع كونغ وسرب ملفات حساسة حول التنصت الى جريدتي ذي غارديان البريطانية الواشنطن بوست الأمريكية.
ونشرت ذي غارديان خريطة تنصت وكالة الأمن القومي على دول العالم خلال شهر مارس الماضي حيث التقطت الوكالة 97 مليار و111 مليون معطى ومعلومة حول سكان الأرض. والدول التي تأتي على قائمة الأكثر تنصتا هي إيران بأكثر من 14 مليار معطى بحكم برنامجها النووي ورغبة الاستخبارات الأمريكية في متابعة رأيها العام بسبب الانتخابات الرئاسية وكذلك بسبب برنامجها النووي علاوة على معرفة هل ستنفجر الأوضاع سياسيا على شاكلة الربيع العربي. وتأتي باكستان في المركز الثاني بأكثر من 13 مليار بسبب تموقع القاعدة والطالبان فيها ثم الأردن ب أكثر من 12 مليار معطى بسبب تواجد حركات إرهابية وما يجري في سوريا وقربها من إسرائيل. بينما يصل الاهتمام بمصر الى 7 مليار معطى ومعلومة. والمثير أن دولة مثل الأردن لا تتعدى ساكنتها خمسة ملايين تثير الاهتمام أكثر من الهند الذي جرى فيها تسجيل 6 ملايير معطى بينما عدد السكان هو مليار مائة مليون نسمة.
المغرب لا يحظى باهتمام وكالة الأمن القومي
وجرى تلوين المغرب في الخريطة باللون الأخضر القوي، ويشترك في هذا اللون مع دول مثل التشيلي والنرويج والسويد والأرجنتين وفلندا وأستراليا ومعظم دول إفريقيا. وهذا اللون يعادل الدول التي لا تحظى بتنصت قوي، هو يخضع لمراقبة أقل من اسبانيا وفرنسا والمانيا والولايات المتحدة والجزائر. وهناك دول هامة مثل المانيا وتخضع للتجسس على مشاريعها الصناعية، كما أفادت ذي غارديان، ودول مثل مصر تخضع للمراقبة لضبط الإرهاب والتطور السياسي بعد وصول الإخوان المسلمين الى السلطة.
ولمعرفة نسبة تنصت وتجسس وكالة الأمن القومي على المغاربة، اعتمدت ألف بوست معايير المقارنة ومعطيات انتشار الإنترنت في المغرب ودرجة الاهتمام الذي تشكله للولايات المتحدة، وهي كالتالي:
-دراسة درجة الاهتمام الأمريكي بالمغرب في ملف الإرهاب مقارنة مع دول مثل الأردن والجزائر وتونس ومصر وموريتانيا، وهو اهتمام أقل من هذه الدول،
– الاهتمام الأمريكي بالنشاط السياسي والمجتمع المدني في المغرب، وهو اهتمام أقل مقارنة مع دول مثل مصر والأردن واسبانيا وفرنسا ونيجيريا وجنوب إفريقيا بسبب غياب طبقة أنجلوسكسونية،
-درجة حضور الولايات المتحدة في الكتابات الصحفية وتعاليق المغاربة في شبكات التواصل الاجتماعي، وهو اهتمام ضعيف وموسمي وظرفي، مثلا كان هناك اهتمام مغربي بواشنطن عندما قدمت السفيرة السابقة في مجلس الأمن الدولي سوزان رايس مقترحا يتم بموجبه تكليف قوات المينورسو مراقبة حقوق الإنسان. وفي الوقت الذي تخصص فيه وسائل الاعلام العالمية حيزا مهما لفضيحة وكالة الأمن القومي الأمريكي تغيب الأخبار عن هذا الموضوع في الصحافة المغربية.
-درجة التعاون الاستخباراتي، إذ أن الأجهزة الأمريكية تحصل على ما تريد من نظيرتها المغربية ولا تحتاج لمراقبة لصيقة كما يجري في باكستان أو إيران.
-حجم انتشار شبكة الإنترنت في المغرب ونسبة المغاربة الذين لديهم حسابات في الشركات التي تتعامل مع الاستخبارات الأمريكية مثل فايسبوك غوغل وميكروسوفت وآبل وياهو، وهو حجم لا بأس به في العالم لعربي وإفريقيا.
كل هذه المعطيات والمعايير التي اعتمدتها ألف بوست في التحليل تساعد في تحديد نسبةالمعلومات التي جسلتها وكالة الأمن القومي عن المغاربة وهي ما بين 200 مليون الى 250 مليون. وهذه النسبة غير قارة بل قد تنخفض نسبيا، وقد ترتفع بشكل كبير. وإذا كان شهر مارس لم يسجل شيئا يذكر يجعل وكالة الأمن القومي تهتم بالمغرب، فبدون شك ستكون هذه النسبة قد ارتفعت شهر مايو للعوامل التالية: ذكرى تفجيرات 11 مايو، الأزمة الحكومية الناتجة عن قرار حزب الاستقلال الانسحاب، غياب الملك في الخارج، ردود الفعل على المشروع الأمريكي في مجلس الأمن في ملف الصحراء.
وكالة الأمن القومي لها معطيات أكثر من المخابرات المغربية حول المغاربة
وهذه النسبة من تجسس وكالة الأمن القومي، تجعل الاستخبارات الأمريكية تمتلك من المعطيات الرقمية حول المغاربة أكثر بكثير من المخابرات المغربية التي لا تستطيع الوصول الى خوادم الشركات الأمريكية الكبرى مثل غوغل وميكروسوفت والفايسبوك وتقتصر على اتصالات المغرب وإذا نجحت في اختراق حسابات لسياسيين ونشطاء المجتمع المدني.
ولكن المخابرات المغربية تبقى أكثر دقة لأنها تعتمد العامل البشري في تتبع المستهدفين من المغاربة سواء سياسيين أو نشطاء المجتمع المدني وادرك طريقة عيشهم وحياتهم العامة بينما تبقى الأمريكية تعتمد على الرقمي الذي يسمح برسم صورة طريقة التفكير والمعلومات المتعاطى معها.