احتشد المئات من الناشطين المغاربة، مساء السبت، أمام البرلمان في وقفة للتضامن مع الريف، وطالبوا بإطلاق سراح معتقلي الحراك والاستجابة لمطالب المنطقة وإنصافها اجتماعياً واقتصادياً.
وشاركت أسر المعتقلين في الوقفة التي نظمت بمناسبة الذكرى الثانية لاعتقال نشطاء الحراك بعد مظاهرات اندلعت نهاية أكتوبر 2016 احتجاجاً على مقتل محسن فكري بائع السمك الذي لقي حتفه طحناً بآلات شاحنة أزبال في مدينة الحسيمة، ثم تحولت الاحتجاجات إلى حراك سلمي يحمل مطالب اجتماعية واقتصادية وتنموية، إلا أن تدبير السلطات لهذه الاحتجاجات واتهام أحزاب الحكومة للناشطين بالانفصال وشن حملة اعتقالات ابتداء من حزيران/ يونيو 2017، دوّل حملات التضامن، خاصة مع تواجد جاليات مغربية كبيرة تنحدر من الريف في عدد من الدول الأوروبية، خاصة إسبانيا وبلجيكا وهولندا، وتلاها المحاكمات والأحكام القاسية بحق الناشطين وقادة الحراك، وصلت إلى 20 سنة حبساً نافذاً، فحملت الاحتجاجات بعداً سياسياً وما زالت السلطات تسعى للخروج من هذا المأزق.
تنديد باستمرار اعتقال النشطاء
وندد المحتشدون بـ«استمرار اعتقال النشطاء والأوضاع التي يعيشونها داخل السجون» ورددوا شعارات «من أجلنا اعتقلوا ومن أجلهم نناضل»، و«حرية، كرامة، عدالة اجتماعية» داعين إلى «إطلاق سراح كافة المعتقلين على خلفية جميع الحركات الإحتجاجية (الريف، زاكورة، جرادة) فوراً و بدون قيود، رافعين شعارات مناوئة لاستمرار الاعتقالات السياسية».
وجاءت وقفة الرباط بدعوة من «جبهة الرباط ضد الحكرة»، فيما تنظم «لجنة دعم معتقلي حراك الريف في الدار البيضاء» و«مبادرة الحراك الشعبي بالدار البيضاء» وقفة مماثلة مساء أمس الأحد في الدار البيضاء تحت شعار «بركا (يكفي) من الظلم، الحرية للوطن، فك الحصار عن الريف»، للمطالبة بالحرية لمعتقلي الحركات الشعبية ولكافة معتقلي الرأي في المغرب، ووقف كل المضايقات والمتابعات ضد النشطاء والمناضلين الحقوقيين في المغرب.
وعبرت علياء، والدة نبيل أحمجيق، المحكوم بـ20 سنة سنة نافذاً، عن إدانتها للأحكام الصادرة في حق ابنها ورفاقه، وقالت إن ما حرك احتجاجاتهم هو مطالب مشروعة متعلقة بالحق في الصحة والشغل.. وأنهم لم يرتكبوا جرماً يستحق الإدانة.
وقالت أخت المعتقل محمد الحاكي المحكوم بـ 15 سنة سجناً على خلفية حراك الريف، إن «المطالب التي رفعها المعتقلون وكافة ساكنةمنطقة الريف هي مطالب عادلة ومشروعة، واعتقال الشباب هو اعتقال تعسفي، ومحاكمتهم هي محاكمة لساكنة منطقة الريف برمتها»، وأضافت أن «الساكن احتجوا بشكل سلمي، ومع ذلك اتهمونا بالانفصال، ووصفونا بالخونة و»أبناء الصبليون»، ضاربين عرض الحائط كل تاريخ المقاومة في الريف»، مشددة على أن «ساكنة الريف أكثر وطنية من البعض، وأننا لسنا انفصاليين عن الوطن، بل نحن انفصاليون عن الفساد، والرشوة، والاستبداد».
وأكدت الحقوقية خديجة الرياضي، الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن الوقوف إلى جانب المعتقلين ضرورة، وعلى كل الغيورين التنديد باستمرار الاعتقال التعسفي في حق نشطاء الريف وكافة المعتقلين السياسيين. وأضافت الرياضي، منسقة المنظمات الحقوقية المغاربية، إن اعتقال النشطاء ظلم؛ كونهم اعتقلوا ظلماً وعدواناً، منددة بأن شروط اعتقالهم متدهورة، وهذا يضرب عرض الحائط شعارات الدولة فيما يخص هيئة الإنصاف والمصالحة. وأوضحت أنه لا توجد إرادة وسياسية لإصلاح أوضاع البلاد، وقالت إنه آن الآوان لإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين بالمغرب.
مطالبات بإغلاق الملف
وعبر المعطي منجيب، الناشط والحقوقي والمؤرخ، عن أمله في أن تفضي التحركات الأخيرة بخصوص القضية، وأن يسهم تدخل مجلس حقوق الإنسان في تجاوز هذه المحنة وإغلاق هذا الملف، واعتبر أن الدولة حاولت النيل من معتقلي الحراك لتشويه سمعتهم ووصفهم بالانفصاليين، محاولة تشويه هذه الحركة التي كانت لها مطالب اجتماعية واضحة.
وقالت أخت المعتقل محمد الحاكي المحكوم بـ 15 سنة سجناً على خلفية حراك الريف، إن «المطالب التي رفعها المعتقلون وكافة ساكنة منطقة الريف هي مطالب عادلة ومشروعة، واعتقال الشباب هو اعتقال تعسفي، ومحاكمتهم هي محاكمة لساكنة منطقة الريف برمتها».
وأضافت المتحدثة ذاتها أن «الساكنة احتجت بشكل سلمي، ومع ذلك اتهمونا بالانفصال، ووصفونا بالخونة و»أبناء الصبليون»، ضاربين عرض الحائط كل تاريخ المقاومة في الريف»، مشددة على أن «ساكن الريف أكثر وطنية من البعض، وأننا لسنا انفصاليين عن الوطن، بل نحن انفصاليون عن الفساد والرشوة والاستبداد» لمساعدة السلطات على الخروج من مأزق استمرار الاعتقالات، خاصة وأن كافة مستويات الدولة أقرت بالتقصير تجاه منطقة الريف، وأقال العاهل المغربي الملك محمد السادس عدداً من الوزراء والمسؤولين عن المشاريع التنموية في المنطقة.
وتعرف المؤسسات الحقوقية الرسمية اتصالات مكثفة مع عدة جهات، والتقى أحمد شوقي بنيوب، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، وأمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خلال الأيام الماضية، عائلات المعتقلين وناشطين يشكلون المبادرة الوطنية من أجل الريف ووضعية المعتقلين الموزعين على سجون متعددة، فيما تسعى العائلات لتجميعهم في سجن واحد قريب من سكن العائلات، وكيفية الوصول إلى صيغة تؤدي إلى إصدار قرارات بالعفو عن المعتقلين. ونقل عن المندوب الوزاري لحقوق الإنسان بأنه يعد تقريراً خاصاً حول الوضع في الحسيمة، سيوجَّه إلى الجهات العليا ليكون في الملف نوع من الانفتاح والانفراج.
تنسيق مع عائلات المعتقلين
وشكلت جمعية «ثافرا» للوفاء والتضامن لعائلات معتقلي «حراك الريف»، لجنة تقنية عهد إليها بمهمة التنسيق بين عائلات المعتقلين، ودعت إلى «تعميق التواصل بين المعتقلين عبر عائلاتهم للحفاظ على انسجام مواقفهم ووحدة كلمتهم». وأكدت على إلزامية «إيجاد مخرج حقيقي لأزمة الريف وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين»، وحذرت من أي مقترح أو إجراء يمس بكرامة المعتقلين وحقوقهم.
من جهة أخرى، استنكرت الجمعية اعتقال الناشط حسن بنشعيب، شقيق المعتقل البشير بنشعيب، بسبب تدوينات نشرها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، وقالت إن «هذا الاعتقال تعد صريح للدولة على حرية التعبير ومظهر لاستمرار الحصار المفروض على منطقة الريف».
وأشارت «ثافرا» إلى أن حسن بنشعيب المعتقل منذ يوم الخميس الماضي عرض يوم الجمعة على وكيل الملك (النائب العام) لدى المحكمة الابتدائية بالحسيمة، الذي أمر بمتابعته في حالة اعتقال بتهم التحريض ضد الوحدة الترابية وإهانة رجال القوة العمومية بسبب مزاولة مهامهم، والدعوة إلى المشاركة في تظاهرة غير مصرح بها، وإهانة هيئة منظمة قانوناً، والتحريض على العصيان، والتهديد بارتكاب جناية، محدداً تاريخ أولى جلسات محاكمته اليوم الإثنين.
وأدانت تنسيقية تامسنا «لتاوادان ئمازيغن» الاعتقالات والأحكام الصادرة في حق نشطاء الحراك بسبب تدوينات «فيسبوكية» ومشاركتهم في الأشكال الاحتجاجية المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، مطالبة بالإفراج عن معتقلي حراك الريف وتعويضهم عن الضرر الذي لحق بهم نتيجة الأحكام الجائرة والتأسيس لمصالحة حقيقية مع الريف وباقي المناطق المهمشة وجبر الضرر التاريخي.
دعت تنسيقية تامسنا (الرباط) الدولة المغربية لـ«الإفراج الفوري عن معتقلي حراك الريف»، بالإضافة إلى «تعويضهم عن الضرر الذي لحق بهم نتيجة الأحكام الجائرة»، في سبيل «تأسيس لمصالحة حقيقية مع الريف وباقي المناطق المهمشة وجبر الضرر التاريخي».
وأكدت التنسيقية على ضرورة «وقف المتابعات وإلغاء المحاضر المسجلة بحق كافة النشطاء والمواطنين خارج وداخل منطقة الريف على خلفية تضامنهم مع المعتقلين ومع الحراك، ونضالهم في سبيل حقوق تقرها كافة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وينص عليها الدستور المغربي نفسه».
ودعت مكونات الحركة الأمازيغية لعقد لقاء وطني عاجل حول قضية حراك الريف وكل ما يرتبط بها من «قمع واعتقالات وانتهاكات لأبسط حقوق الإنسان، وملاحقات وأحكام جائرة وتحقيقات غريبة على خلفية مجرد تدوينات فيسبوكية».