تعد الأمم المتحدة لسحب جزء هام من موظفي بعثة المينورسو الخاصة بنزاع الصحراء في حالة اندلاع نزاع مسلح بين المغرب وجبهة البوليساريو بسبب معبر الكركرات المؤدي الى موريتانيا، وبدأت أصابع الاتهام توجه الى هذه المنظمة بالمسؤولية عن التوتر المتصاعد في المنطقة بسبب عدم تعيين مبعوث خاص للنزاع والتدخل لإنهاء النزاع في المعبر.
ويعود التوتر الى قرار البوليساريو عبر ما تعتبرهم نشطاء المجتمع المدني بإغلاق معبر الكركات، الممر الاقتصادي بين المغرب وموريتانيا. وتبرر البوليساريو العملية بتنافي المعبر مع ما هو منصوص عليه في اتفاقية إطلاق النار الموقعة سنة 1991. وبالموازاة مع هذه الخطوة، أقدم صحراويون موالون لجبهة البوليساريو على تأسيس لجنة اسمها “لجنة مناهضة الاحتلال المغربي للصحراء الغربية” وترأستها أميناتو حيدر. وهددت البوليساريو بإعلان الحرب في حالة ما إذا اعتقل المغرب أي فرد من هذه اللجنة البالغ عددها 33 أو أرسل أي جندي أو مدني الى معبر الكركرات. وتجاوزت البوليساريو الكركرات الى المنطقة المطلة على المحيط الأطلسي التي تتواجد فيها منذ مدة. في الوقت ذاته، عززت من وجودها شرق الجدار الفاصل.
ولم يصدر أي رد من طرف المغرب خلال اليومين الأخيرين. وكان ملك المغرب محمد السادس قد نبه الى هذا في خطابه الأخير بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء الأسبوع الماضي “هنا نؤكد رفضنا القاطع، للممارسات المرفوضة، لمحاولة عرقلة حركة السير الطبيعي، بين المغرب وموريتانيا، أو لتغيير الوضع القانوني والتاريخي شرق الجدار الأمني، أو أي استغلال غير مشروع لثروات المنطقة”.
وتهدف البوليساريو من خلال هذه التطورات التصاعدية الى دفع الأمم المتحدة الى العمل من أجل تنظيم استفتاء تقرير المصير لاسيما بعد فتح 16 دولة قنصليات في مدينتي العيون والداخلة في الصحراء، حيث تتخوف من تراجع النزاع الى مرتبة هامشية في الأجندة الدولية. ويرفض المغرب هذا الحل ويعتبره متجاوزا بفعل التطورات خلال العقدين الأخيرين ويطرح كبديل الحكم الذاتي.
ويقول المحلل السياسي صبري لحو في مقال في الجريدة الرقمية ألف بوست أن البوليساريو تهدف من وراء هذه التحركات فرض سيناريو جديد ومن عناوينه “فرض تقسيم الصحراء” بسيطرتها على المنطقة التي تقع وراء الجدار. وفي الوقت نفسه، يآخذ المغرب بسبب التراخي في عدم رصد نوايا البوليساريو منذ مدة.
ووسط كل هذا، حشد المغرب قوات عسكرية بالقرب من منطقة الكركرات وفق الصحافة المغربية، وبدورها نشرت موريتانيا قوات عسكرية في حدودها الشمالية، حسبما أكدت الصحافة الموريتانية أمس الثلاثاء. وتمركزت قوات البوليساريو في عدد من المناطق وراء الجدار الفاصل في الصحراء.
وتشير أصابع الاتهام الى الأمم المتحدة بحكم عدم احتواءها الوضع، إذ لم يعالج مجلس الأمن التابع لها في قراره الأخير الصادر نهاية أكتوبر الماضي مشكل الكركرات، ولم تدعو الأمم المتحدة الى اجتماع بين الأطراف لامتصاص التوتر، ولعل أكبر خطئ ارتكبته هو تأخرها في تعيين مبعوث خاص لنزاع الصحراء بعد استقالة المبعوث الأخير هورست كوهلر منذ سنة ونصف.
وتجد الأمم المتحدة نفسها في موقف حرج بعدما بدأ البوليساريو لا يأخذ بعين الاعتبار مطالب قوات المينورسو ويتهمها بالانحياز الى المغرب. ويرفض البوليساريو أي دور للمينورسو في أزمة الكركرات باستثناء إغلاق المعبر.
ووسط هذه التطورات، علمت القدس العربي من مصادر رفيعة طلب الأمم المتحدة من اسبانيا الاستعداد لاستقبال أغلبية موظفي المينورسو في حالة اندلاع الحرب بين المغرب والبوليساريو. وتتوفر الأمم المتحدة على سيناريوهات مماثلة في كل النزاعات، حيث يكون البلد الأقرب هو ملجأ الموظفين. والوجهة المختارة هي جزر الكناري المقابلة للصحراء. وكانت الأمم المتحدة قد سحبت بعض موظفيها الى هذه الجزر الإسبانية عندما اندلع نزاع بينها وبين المغرب حول دور المينورسو.