رفضت وزارة الداخلية المغربية منح الترخيص لجمعية “فريديم ناو” (الحرية الآن) بتعليل مثير للغاية يقوم على مفهوم ثيوقراطي محض وكأن الأمر يتعلق بقوانين إيران، إذ بررت قرارها بمنع الجمعية بأن أحد مسؤوليها وهو المهندس أحمد ابن الصديق سحب البعية من أمير المؤمنين.
وكانت جمعية فريديم ناو قد تأسست خلال أبريل الماضي للدفاع عن الحريات الإعلامية والفكرية في المغرب للتنديد بخروقات حرية التعبير التي تقوم بها الدولة. وبعد تأسييس الجمعية، رفضت وزارة الداخلية تسلم الملف. وبعد لجوء الجمعية الى القضاء الإداري خلال مايو الماضي، تقدم محامي الدولة المغربية هذه الأيام بتعليل مثير للغاية لتبرير الرفض مفاده أن عضوا سبق وأن تم الحكم عليه في ملف ذو طابع إرهابي وهو رضا بن عثمان والآخر سحب البيعة من الملك ويتعلق الأمر بالمهندس أحمد ابن الصديق.
ويطرح تعليل الدولة المغربية تساؤلات وإشكاليات كبرى، فرضا بن عثمان تعرض وفق جمعيات حقوقية ومنها مؤسسات رسمية مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان لمحاكمة غير عادلة، وفي الوقت ذاته، لم يتضمن الحكم في حقه الحرمان من الحقوق المدنية. في الوقت ذاته، كيف يمكن للدولة أن تمنح لبعض دعاة السلفية الذين كانوا محكومين بأكثر من عشرين سنة سجنا حقوقهم المدنية، وتحرم شخصا صدر في حقه حكم بأربع سنوات من حقوقه المدنية العادية جدا؟
وفي حالة أحمد ابن الصديق، جاء سحب البيعة، وفق الرسالة الشهيرة التي كان قد نشرها، بعدما اعتبر أن الملك بصفته أميرا للمؤمنين لم ينصفه نهائيا من الظلم الذي يؤكد أنه تعرض له.
وموقف الدولة المغربية من خلال تعليلها هذا يجر الى التساؤل: مئات الآلاف من أعضاء العدل والإحسان لا يبايعون الملك بصفته أميرا للمؤمنين ولا يعترفون له بهذه الصفة، فهل هذا سيعني حرمانهم من حقوقهم المدنية؟ علما أن الآلاف منهم يتواجدون في شتى جمعيات المجتمع المدني.
ونظرا لحساسية الموضوع، يقول باحث في الدستور المغربي فضل عدم الكشف عن اسمه “لا يمكن حرمان أي شخص من ممارسة حقوقه المدنية إذا لم يصدر حكم واضح في هذا الشأن، إذا طبقنا مفاهيم وزارة الداخلية، فكل علماني لا يؤمن بإمارة أمير المؤمنين ولكنه يقبل الملك والنظام الملكي بل ويدافع عنه في صيغته السياسية الحداثية أي رئيس للدولة يجب حرمانه من الحقوق المدنية؟”.
يؤكد المصدر “هذا ثان خطئ فادح ترتكبه الدولة المغربية مثل الخطئ الذي ارتكبته عندما أجازت للمجلس العلمي السنة الماضية بإصدار فتوى قتل المرتد قبل التراجع عنها وتصحيحها، المحكمة الإدارية تجد نفسها في موقف حرج إذا اعتمدت تعليل الدولة لأنه سيفتح الباب أمام توظيف ديني للكثير من القضايا الشائكة”.