ترتفع أصوات المجتمع المدني في المغرب مطالبة بإعلان حداد وطني على ضحايا فيضانات جنوب المغرب الذين تجاوزوا الخمسين حتى الآن، ويبقى الإعلان صعب للغاية في وقت يوجد فيه الملك محمد السادس في الخارج في زيارة غير استثنائية وليست رسمية، كما يعتبر صعبا وفي الوقت ذاته في ظل تفادي عقد الحكومة اجتماعا استثنائيا لدراسة هذه المأساة واتخاذ قرارات استثنائية.
وسبق وقام نشطاء بنشر شريط فيديو منذ أيام في موقع التواصل الاجتماعي يوتوب يطالبون بحداد وطني ونكس الأعلام الوطنية وتحديد المسؤوليات، ويبدأ الشريط بصرخة مواطنة مغربية فقدت خمسة من أفراد عائلاتها. لكن الأصوات ارتفعت بقوة منذ الخميس من الأسبوع الجاري مطالبة في شبكات التواصل الاجتماعي بحداد وطني رمزي الاثنين المقبل. وعمليا لا يمكن إعلان الحداد الوطني لسببين رئيسيين وهما:
قصور الدولة في التعاطي مع فيضانات الجنوب، فلم تعقد أي اجتماع استثنائي، ولم تعلن ميزانية خاصة، وكل التحركات التي قام بها الوزراء جاءت بعد العبارة الشهيرة” الملك يطلب من وزير الداخلية التوجه الى الجنوب”، وكأن تحرك الدولة يجب أن ينتظر أياما وضرورة الضوء الملكي. وترتب عن تماطل الدولة في التحرك استمرارأوضاع مأساوية تؤدي الى احتجاجات، لأن المعضلة الكبيرة هو أن الملك يحتكر المبادرة، وتبقى الحكومة مكتوفة الأيدي إذا لم يتم الضوء الأخضر.
ويتجلى السبب الثاني في وجود الملك محمد السادس في زيارة شبه خاصة الى الإمارات العربية للعطلة بعد حضور العيد الوطني لهذا البلد وهو حدث ثانوي للغاية. وبالتالي لا يمكن بأي حال إعلان الحداد الوطني في وقت يظهر الملك في صور في المتاجر الفخمة في أبو ظبي، إذ سيكون المشهد صادما للمشاعر. ويتعرض الملك لانتقادات قوية في شبكات التواصل الاجتماعي من طرف نشطاء مغاربة بل وأناس عاديين على شاكلة ما جرى في قضية مغتصب الأطفال غالفان. ويعلب الاعلام الدولي دورا في هذا الشأن، فالمغاربة يشاهدون كيف يعود رؤساء وملوك الدول الى أوطانهم بما في ذلك من زيارات رسمية عندما تقع فجيعة ومآسي في بلادهم كما هو الحال في المغرب مع فيضانات الجنوب.
وباستثناء وفيات أعضاء العائلة الملكية حيث يتم إعلان الحداد الوطني مباشرة، كان آخر مرة أعلن فيها المغرب حدادا وطنيا سنة 2011 عندما سقطت طائرة عسكرية وخلفت عشرات القتلى.
واعتادت الدول إعلان الحداد عندما تتعرض لكارثة طبيعية أو إنسانية مثل الانفجارات أو حوادث السير حيث تكون الحصيلة ثقيلة للغاية. والحداد الوطني هو نوع من التضامن مع الضحايا لتعزيز الشعور الوطني بالتلاحم والوحدة. في الوقت ذاته، يمكن للهيئات المحلية وخاصة البلديات إعلان حداد محلي عندما تكون الفاجعة محلية.