أقدمت الولايات المتحدة على إضافة شركة “إن سي أو غروب” الإسرائيلية التي تنتج برنامج التجسس بيغاسوس الى لائحة الشركات السوداء التي يطبق عليها الحظر بسبب تورطها في خرق حقوق الإنسان وتحولها الى أداة ضد المصالح الأمريكية نفسها بل وتهديد النظام الدولي. والقرار مفاجئ وقد يفسر فرضية وقوف واشنطن نفسها وراء تسريب لائحة الدول ولأشخاص الذين جرى التجسس عليهم.
واتخذت شعبة “الصناعة والأمن” في إدارة التجارة الأمريكية القرار الأربعاء من الأسبوع الجاري وجرى تبريره بمجموعة من العوامل على رأسها ما جاء حرفيا في موقع هذه الإدارة “جاء الحظر لدورها في أنشطة معادية لمصالح الأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة”. وشمل القرار شركة إسرائيلية أخرى لا تقل خطورة في التجسس وهي كانديرو، ولا يعرف عنها كثيرا، لكن اقتنتها عدد من الدول وخاصة في العالم العربي، حيث توجد أنظمة مهووسة ببرامج التجسس.
ورغم أن الشركتين لا تسمحان بالتجسس على الولايات المتحدة، فقد أقدمت واشنطن على حظر التعامل معهما وإضافتهما الى اللائحة السوداء. ويأتي قرار الإدارة الأمريكية الجديدة بعدم التساهل مع هذه البرامج بعدما كانت إدارة دونالد ترامب السابقة تتساهل معها.
وتركز الإدارة المذكورة على الشركتين بأنهما شاركتا في بيع البرامج الى دول أجنبية للتجسس على موظفين حكوميين وصحفيين ورجال أعمال وباحثين أكاديميين وموظفي السفارات. ويضيف بيان شعبة “الصناعة والأمن” أن “هذه البرامج “ساهمت في التحرش العابر للحدود التي هي ميزة الحكومات السلطوية التي تهاجم الصحفيين والمعارضين والنشطاء خارج الحدود لإسكات المعارضة”. ويضيف البيان في جملة لافتة أن “هذه البرامج تهدد النظام الدولي القائم على قواعد محددة”.
واتخذت الولايات المتحدة القرار بعدما رصدت أن هذه البرامج لا تستعمل بالدرجة الأولى في مواجهة الإجرام المنظم والإرهاب بل جرى استعمالها كثيرا في التجسس على الصحفيين والمعارضين ونشطاء حقوق الإنسان. وامتد التجسس الى مواطنين أمريكيين يقيمون في دول ثالثة ولديهم أرقام غير أمريكية. وفي الوقت ذاته، رصدت واشنطن ارتفاع استعمال بيغاسوس أساسا في التجسس بشكل قد يهدد العلاقات الدولية. وهناك عامل آخر ربما لم تعطى له الأهمية وهو أنه جرى خرق اتفاق بين الدول الغربية وحلفاءها مثل إسرائيل بعدم تمكين دول من العالم العربي أو أمريكا اللاتينية أو إفريقيا من برامج للتجسس على الدول الغربية.
وعلاوة على هذا، فتركيز الولايات المتحدة على اتهام شركة كانديرو وإن إس أو غروب صاحبة بيغاسوس بتهديد النظام الدولي يفسر أنها ربما وراء تسريب لائحة المتضررين من التجسس خاصة ببيغاسوس الى الصحافة الدولية، حيث يتعلق الأمر ب 50 ألف رقم هاتف من دول من فرنسا واسبانيا والمغرب والجزائر والهند والمكسيك وغانا ضمن أخرى. وتسبب برنامج بيغاسوس في توتر العلاقات بين بعض الدول مثل المغرب والجزائر ثم العلاقات بين إسرائيل وفرنسا وداخل بعض الدول مثل الهند وهنغاريا والمكسيك بسبب استعماله ضد المعارضة.