– شجب دعاة الحد من التسلح إعلان وزارة الدفاع الأمريكية عن قرارها بصنع وبيع 1.300 قنبلة عنقودية للمملكة العربية السعودية، تبلغ قيمتها حوالي 641 مليون دولاراً.
وبيع هذه الذخائر هو قانوني من الناحية الفنية بموجب أنظمة الولايات المتحدة التي تم تعزيزها مؤخراً بهدف الحد من تأثيرها على سلامة المدنيين، لكن النشطاء يؤكدون أن الأدلة في ساحة المعركة تشير إلى الأسلحة تتجاوز تلك الأنظمة فعلا.
ويقول معارضو هذه الخطوة إنها تتعارض مع تعزيز الضغط من أجل حظر استخدام القنابل العنقودية نهائيا في جميع أنحاء العالم، كما تتعارض أيضاً مع الأصوات الصادرة مؤخراً عن كلا الحكومتين الأمريكية والسعودية، والتي تنتقد استخدام هذه الذخائر الأمريكية.
فقد صرح داريل كيمبل -المدير التنفيذي لرابطة الحد من التسلح في واشنطن- لوكالة إنتر بريس سيرفس ” لقد أدانت كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية مؤخراً استخدام حكومة سوريا للذخائر العنقودية -وهذا يثير السخرية بشأن هذه الصفقة الجديدة، لأن الذخائر العنقودية هي الذخائر العنقودية، بغض النظر عن نوعها”.
وكان يشير بذلك إلى تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15 مايو الأخير – والذي انضمت إليه كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية مع 105 من البلدان الأخرى- والذي يدين بشدة استخدام سوريا للقنابل العنقودية.
ويضيف كيمبل: “على حد علمي، فبيع الذخائر العنقودية من قبل الولايات المتحدة هو نادر هذه الأيام، وهذه الصفقة تثير الدهشة، لأن هذا هو نظام متطور وقابل جداً للجدل لأن هذه هي قنابل عنقودية”.
ويكمل قائلاً: “وعلاوة على ذلك، فإن إستخدام المملكة العربية السعودية لهذه الأسلحة أمر مشكوك فيه من وجهة النظر العسكرية. فهذه الأسلحة لم تستخدم من قبل الولايات المتحدة لأكثر من عقد من الزمن، لذلك فمن الصعب أن نرى ما هي مصلحتنا في بيع هذه الأسلحة للمملكة العربية السعودية”.
والقنابل العنقودية هي ذخائر تُسقط يتم من الجو وتنفجر في الهواء وتخرج “قنابل صغيرة” إضافية، وبالتالي توسع بشكل كبير من حجم الأضرار المحتملة للهجوم. ولسنوات طويلة كان هناك تضامن معنوي عالمي ضد استخدام القنابل العنقودية بسبب عدم إنفجار بعض هذه القنابل الصغيرة، مما يشكل مخاطر على المدنيين لفترة طويلة بعد انتهاء النزاعات.
ووفقاً لحملة الولايات المتحدة لحظر الألغام الأرضية، هناك 39 دولة تتعامل مع آثار ما بعد استخدام القنابل العنقودية اعتباراً من عام 2011. وتقول الجماعة ان القائمة تشمل المملكة العربية السعودية.
وتوضح هذه الحملة على موقعها الإلكتروني، أن ” الذخائر العنقودية تبرز بوصفها السلاح الذي يشكل أكبر المخاطر على المدنيين منذ الألغام المضادة للأفراد، والتي كانت محظورة في عام 1997″.
وتضيف، “لقد أدى استخدام إسرائيل المكثف للسلاح في لبنان أغسطس 2006 لوقوع أكثر من 200 ضحية مدنية في السنة التالية لوقف إطلاق النار، وكان ذلك بمثابة الحافز الذي دفع الحكومات لتأمين صك دولي ملزم قانونا حول الذخائر العنقودية”.
في عام 2007، أيدت 47 حكومة اتفاقاً ملزماً بشأن الذخائر العنقودية (إتفاقية الذخائر العنقودية)، لحظر إنتاج واستخدام أو حتى نقل القنابل العنقودية. ووقعت 112 دولة حتى الآن على الإتفاقية وصادقت عليها 83 دولة.
وفي منتصف سبتمبر، سوف تجتمع أكثر من 100 دولة في زامبيا لمناقشة التقدم المحرز في تنفيذ الإتفاقية.
ومع ذلك، لم توقع الولايات المتحدة ولا المملكة العربية السعودية على الإتفاقية، وهو ما يعني أن الصفقة التي أعلنت حديثا هي قانونية. ووفقا للتقارير، واصلت الولايات المتحدة أيضاً مبيعاتها من الذخائر العنقودية إلى الهند وكوريا الجنوبية وتايوان.
وقالت سارة بلاكمور -مديرة تحالف الذخائر العنقودية، ومقرها لندن- في بيان: “لقد تم حظر الذخائر العنقودية من قبل أكثر من نصف دول العالم، لذلك يتعارض أي نقل (بيع) مع الرفض الدولي لهذه الأسلحة”.
وأضاف البيان: “نشعر بخيبة أمل لقرار الولايات المتحدة بتصدير القنابل العنقودية إلى المملكة العربية السعودية، فكلا البلدين يعترف بالأثر الإنساني السلبي لهذه الأسلحة على المدنيين. ويجب على الولايات المتحدة الإعتراف بحظر المعاهدة لصادرات الذخائر العنقودية، وإعادة تقييم معاييرها لوقف صادراتها بحيث لا يتم نقل (بيع) أي ذخائر عنقودية”.
هذا وهناك حالياً تحركات تشريعية تجري على قدم وساق في واشنطن، مما من شأنه أن يحد بشدة من نطاق مبيعات الولايات المتحدة المحتملة للقنابل العنقودية، وبما يتجاوز حظر التصدير الذي تم توقيعه ليصبح قانونا في عام 2009.
ففي منتصف شهر يوليو الأخير، قام السيناتور ديان فينشتاين -الذي قدم مشروع قانون ذا صلة لمجلس الشيوخ في فبراير الماضي- بالمشاركة في كتابة رسالة إلى الرئيس أوباما لحثه على وقف استخدام الذخائر العنقودية ذات معدلات الفشل العالية.
وأوضح في خطابه، “إن الذخائر العنقودية لا تفرق بين المقاتلين والمدنيين، وهي غير موثوقة، وتشكل خطراً غير مقبول على القوات الأمريكية والمدنيين على حد سواء. وسياسة الذخائر الحكومة الامريكية قديمة جداً وينبغي إعادة النظر فيها فوراً”.
ويدعو المشرعون الى وقف فوري لاستخدام القنابل العنقودية -وهي ذات معدل عدم إنفجار أعلى من واحد في المئة، ونسبة الفشل هذه تشكل أيضاً أساس حظر التصدير الحالي.
وفي الواقع، فإن حد الواحد في المئة سيصبح سياسة عسكرية بحلول عام 2018، على الرغم من أن فينشتاين ومشرعين آخرين يأملون في تسريع هذا الموعد النهائي.
ولكن حتى لو أصبح اقتراح فينشتاين قانوناً، فإن نظام الأسلحة التي تبيعها الولايات المتحدة إلى المملكة العربية السعودية -والمعروفة باسم CBU-105- قد يكون قانونياً.
فوفقا لكلا من وزارة الدفاع وصانع السلاح -أنظمة تكسترون للدفاع بولاية ميسيسيبي- فإن نسبة فشل النظام هي في الواقع أقل من واحد في المئة.
ويأمل المؤيدون بأن تكون هذه القنبلة العنقودية “الأكثر أمانا” قادرة على مواصلة استخدامها وبيعها، حتى في سياق حملة القمع المتزايد على هذه الذخائر. وفي الواقع، كانت المبيعات الى الهند وكوريا الجنوبية وتايوان هي ضمن CBU-105S.
ويقول كيمبل من رابطة الحد من التسلح، “إن هناك أدلة تشير إلى أن هذا الرقم هو أعلى. ويأتي مثل هذا الدليل من الفترة الماضية التي استخدمت هذا النموذج من القنابل العنقودية، في عام 2003 بالعراق”.
ويضيف: “على الرغم من المعلومات العامة التي تم إخفاؤها بشأن انخفاض معدل فشل هذا السلاح، فمعدلات فشله في الميدان هي أعلى من ذلك بكثير. وهذه الصفقة للمملكة العربية السعودية يجب أن تثير قدراً أكبر من رقابة الكونجرس على سياسة الذخائر العنقودية الخاصة بالولايات المتحدة، وخاصة بيع هذه الأسلحة المثيرة للجدل إلى بلدان أخرى”.
وقد وجد الباحثون في معدل الأسلحة غير المنفجرة عام 2003 في العراق أن السلاح “لا يترك ساحة معركة نظيفة بشكل واضح”.
وذكر راي ماكغراث -المتحدث باسم شبكة المنظمة الدولية للمعوقين المتعلقة بالذخائر العنقودية- في عرض تقديمي 2008 بشأن نتائج هذا النوع من الأسلحة: “إن النسبة المئوية للذخائر الصغيرة التي فشلت هي أعلى إلى حد كبير من 1 في المئة”.
وأكد، “في أحسن الأحوال، فإن هذه الذخائر الصغيرة غير المنفجرة تمنع المجتمعات المدنية من الوصول إلى الأراضي حتى تطهيرها”