حذّر وزراء دفاع أمريكيون سابقون من ديمقراطيين وجمهوريين من مخاطر زج المؤسسة العسكرية في الخلاف حول الانتخابات. وقال الوزراء العشرة في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” إن أي محاولة كهذه ستكون دخولا في منطقة خطرة.
وجاء في المقال الذي شارك فيه كل من أشتون كارتر وديك تشيني وويليام كوهين ومارك إسبر وروبرت غيتس وتشاك هيغل وجيمس ماتيس وليون بانيتا وويليام بيري ودونالد رامسفيلد: “كوزراء دفاع سابقين، لدينا موقف مشترك حول الواجبات الرسمية للقوات الأمريكية المسلحة ووزارة الدفاع. وأقسم كل واحد منا قسم دعم والدفاع عن الدستور ضد كل الأعداء، خارجيين ومحليين. ولم نقسم الولاء لفرد أو حزب”.
وأضافوا أن “الانتخابات الأمريكية والنقل السلمي للسلطة التي تنتج عنها هي علامات مهمة لديمقراطيتنا. وباستثناء واحد أدى إلى خسارة أرواح الأمريكيين أكثر من كل الحروب التي خاضتها أمريكا مجتمعة، شهدت الولايات المتحدة سجلا متصلا لعملية نقل السلطة هذه منذ 1789 بما في ذلك وقت الخلاف الحزبي، الحرب، الأوبئة والكساد الإقتصادي، ويجب ألا يكون هذا العام استثناء”.
وقالوا: “حدثت الانتخابات وتم عدها وتدقيقها. وتم معالجة الاعتراضات المناسبة في المحاكم. ووافق حكام الولايات على النتائج، وصوّت عليها المجمع الانتخابي. ومضى وقت الاعتراض على النتائج. وحان وقت حسبة أصوات المجمع الانتخابي كما ينص عليه الدستور والقانون. وكما لاحظ مسؤولو وزارة الدفاع، فلا دور للجيش الأمريكي في تحديد نتائج الانتخابات. وأي جهد لتوريط الجيش الأمريكي لحل الخلافات المتعلقة بها سيأخذنا إلى طريق خطير وغير قانوني وغير دستوري. وتجب محاسبة المسؤولين العسكريين والمدنيين الذي يصدرون أوامر بهذا الشأن بما في ذلك فرض عقوبات جنائية عليهم نظرا للتداعيات الخطيرة لتصرفاتهم على الجمهورية”.
وعلقوا قائلين إن “عمليات نقل السلطة التي عشناها جميعا هي جزء حيوي من عملية النقل الناجحة. وعادة ما تجري في أوقات عدم الوضوح الدولي بشأن سياسة الأمن القومية الأمريكية والموقف. وقد تكون في وقت تكون الأمة عرضة للخطر من الأعداء الذين يحاولون الإستفادة من الوضع”. و”بناء على هذه العوامل، خاصة عندما تكون الولايات المتحدة تجري عمليات عسكرية حول العالم، فمن الواجب أن تجري عملية الانتقال بطريقة كاملة وتعاونية وشفافة. ويجب على القائم بأعمال وزير الدفاع كريستوفر ميلر والمسؤولين المعينين والضباط والجهاز المدني تسهيل عملية دخول الإدارة المقبلة، حسبما يشترط عليهم القسم والقانون والعرف، وعمل هذا بشكل دائم. وعليهم الابتعاد عن اتخاذ أي تحرك سياسي يؤثر على نتائج الانتخابات أو يعيق نجاح الفريق الجديد. ونطلب منهم وبعبارات شديدة القيام بهذا كما فعلت أجيال من الأمريكيين قبلهم. وهذا العمل الأخير هو جزء من التقاليد والحرفية العالية للقوات الأمريكية وتاريخ عمليات النقل الديمقراطي للسلطة في بلدنا العظيم”.
ويأتي تحذير المسؤولين السابقين الذين خدم بعضهم في وزارة الدفاع في السبعينات من القرن الماضي، وسط التسريب الذي نشرته صحيفة “واشنطن بوست” لمكالمة طويلة بين الرئيس دونالد ترامب وسكرتير ولاية جورجيا، وطلب فيها منه العمل على قلب نتائج الانتخابات قبل التصويت المقبل على نتائج المجمع الانتخابي يوم الأربعاء.
وأعلن عدد من النواب الجمهوريين عن نيتهم تحدي نتائج المجمع الانتخابي. مع أن محاولات الرئيس لتحدي نتائج الانتخابات قد فشلت. وجاءت الرسالة وسط قلق من محاولة ترامب اللجوء إلى الجيش للبقاء في البيت الأبيض رغم خسارته في الانتخابات.
وعبّر المقال عن رأي مسؤولين سابقين اختلفوا حول الكثير من قضايا الأمن القومي. ووُلد المقال من محادثة بين السفير الأمريكي السابق إريك إديلمان، ووزير الدفاع ونائب الرئيس السابق ديك تشيني حول كيفية استخدام الجيش في الأيام المقبلة.
ورغم نفي ترامب مناقشة إعلان حالة الطوارئ لتغيير نتائج الانتخابات، إلا أن مستشاره السابق للأمن القومي مايكل فلين، قال في مكالمة تلفزيونية إن على ترامب إعلان حالة الطوارئ ودعوة الجيش لعقد انتخابات.
ودعا ترامب أنصاره للتظاهر في واشنطن يوم تأكيد النتائج، وطلب منهم الحضور بقوة. وكان إديلمان واحدا من الجمهوريين الذين دعموا الرئيس المنتخب جوزيف بايدن ضد ترامب، وقد ناقش فكرة المقال مع تشيني واستشار وزراء الدفاع السابقين وقام بكتابة مسودة للمقال مع إليوت كوهين، مسؤول الأمن القومي السابق وعميد كلية الدراسات الدولية المتقدمة في جونز هوبكنز.
وطلب بعض الوزراء الجمهوريين السابقين مراجعة للمقال، لكن ذلك لم يمس جوهره كما قال كل من إديلمان وكوهين. وقال تشاك هيغل، الجمهوري الذي خدم وزيرا للدفاع في إدارة باراك أوباما، إنه سأل عن المقال وإن كان ردا على أمر، ولكنه قرر التوقيع لتذكير المسؤولين الحاليين بأهمية التحول السلمي للسلطة.
وقال: “هذا عنصر رئيسي في ديمقراطيتنا ويتحمل مسؤوليتها المسؤولون في وزارة الدفاع”. وقال كوهين الذي عمل وزيرا للدفاع في عهد بيل كلينتون إن الحديث عن استخدام قانون الطوارئ أثار قلقه، خاصة بعد استخدام ترامب الجيش لفض المحتجين خارج البيت الأبيض في حزيران/ يونيو.
وأشار وزير الدفاع، السابق لاستخدام الشرطة الفدرالية لفض المتظاهرين في بورتلاند، بولاية أوريغون وأشكال أخرى لإساءة استخدام السلطة. وفي الوقت الذي أكد فيه على قدرة الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان وقادة الجيش على الالتزام بالقانون إلا أنه عبر عن مخاوف من عنف قد يندلع بسبب أنصار ترامب مثل “براود بويز” في الأيام المقبلة “إنه طريق خطير ويجب وقفه قبل حدوثه”.
ولم يعلق بقية الوزراء على قرارهم المشاركة في المقال، إما لتعذر الاتصال معهم أو لرغبتهم بترك المقال يعبر عن موقفهم.