وأخيرا، اعترفت الدولة الرسمية وعلى رأسها الملك محمد السادس بوجود حالات تعذيب في المغرب وإن كانت غير ممنهجة، جاءت هذه الاعترافات بمناسبة الزيارة التي قامت بها المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة نافي بيلاي. ويبقى التساؤل، هل سيترتب عن هذا الاعتراف فتح تحقيق في كل حالات التعذيب. وكانت أطراف من الدولة تنعت من يتحدثون عن التعذيب بالعمالة والتخوين.
ولم تشر وسائل الاعلام الرسمية الى مضمون المباحثات التي جرت بين الملك محمد السادس والمسؤولة الأممية، كما لم يكشف عن ذلك أي بيان موجه الى الشعب المغربي صادر عن الدويان الملكي بل في التقرير الذي نشرته نافي بيلاي في موقع الأمم المتحدة.
وأبرزت المسؤولة الأممية في تقريرها أن “زيارتها جاءت لتعزيز العلاقات مع دولة المغرب ومع المجلس الوطني لحقوق الإنسان وكذلك المجتمع المدني لمعرفة أعمق للوضع الحقوقي في المغرب”.
وأبرزت المسؤولة الأممية المسار السياسي للمغرب من دستور 2011 وإنشاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان ووصول معتقلين سابقين الى التسيير الحكومي، وتؤكد أن هذه الإصلاحات المرتبطة بدينامية المجتمع المدني المغربي أدت الى إلقاء الضوء على عدد من قضايا حقوق الإنسان.
المسؤولة الأممية تتحدث عن استمرار تعليق عدد من القوانين الواردة في الدستور التي تنص على حماية الحقوق ولكنها لا تطبق ولم تتم بلورتها بعد وتطالب “بتفعيلها لصالح الشعب”.
وتبرز في تقريرها “هناك عمل كبير يجب القيام به إرساء ثقافة احترام حقوق الإنسان في مؤسسات الدولة في المغرب وفي الصحراء (تقريرها يفصل بين المغرب والصحراء) وخاصة بينم مسؤولي العدالة ومسؤولي الأمن وموظفي السجون وموظفي الإدارة على المستوى الوطني والإقليمي والمحلي”. وتحذّر من أن هذه الممارسات لا يمكنها أن تعلو على القانون الوطني والاتفاقيات الدولية.
الملك لا يستبعد حالات التعذيب
ويبقى الأساسي في تقرير المسؤولة الأممية التي كتبته بحرص شديد ومراعاة البروتوكول في مباحثاتها مع الملك محمد السادس هو اعتراف مسؤولي الدولة بحالات تعذيب. في هذا الصدد تكتب في تقريرها “الملك محمد السادس أخبرني أنه لا يمكنه التسامح مع التعذيب، وفي الوقت ذاته، لا يمكنه استبعاد حالات تعذيب معزولة. مسؤولون آخرون، اعترفوا أن التعذيب ليس سياسة ممنهجة للدولة المغربية، ويجب الوقت للقضاء على العادات السيئة، إجراءات مثل اللجوء الى كاميرات التصوير في مخافر الشرطة وتكوين أعضاء الأمن”.
التقرير يعالج قضايا أخرى اهتم بها الرأي العام المغربي وهي ملف العنف ضد المتظاهرين ضد العفو الملكي على غالفان وكذلك قضية اعتقال الصحفيين ومنهم علي أنوزلا.
مصطفى الرميد يكمل الاعترافات
وفي لقاء مع الجمعيات الحقوقية، اعترف وزير العدل مصطفى الرميد بوجود التعذيب في المغرب وقال أن “من يقول أن التعذيب غير موجود فهو واهم”، كما اعتبر أن من يؤمن بجميع حالات التعذيب فهو واهم. ويضيف أنه “بحكم مزاولته المحاماة، يعرف وقوع التعذيب”. وطالب بمساعدة الجمعيات لإنهاء التعذيب.
آفاق الاعتراف
وفي أعقاب الدولة المغربية رسميا بوقوع التعذيب، تتساءل الجمعيات الحقوقية وجزء من الرأي العام، على القل في شبكات التواصل الاجتماعي، هل تمتلك الدولة الشجاعة لفتح التحقيق في عمليات التعذيب”. وقررت وزارة العدل فتح التعذيب في ملف واحد حتى الآن وهو ملف علي العراس المعتقل في ملف خلية بلعيرج.
ثقافة التخوين
وكانت وسائل إعلام مقربة من بعض مراكز صنع القرار الأمني في المغرب تشن حملات ضد الجمعيات والصحفيين الذين يتحدثون عن حالات التعذيب والكتابة عنها، وعلى ضوء اعترافاتا الدولة المغربية وعلى رأسها الملك، هل ستتجرأ وسائل الاعلام التي تعمل لهذه الجهات بإطلاق الأوصاف نفسها على الملك لأنه اعترف باحتمال وجود حالات تعذيب في المغرب؟