طالبت المنظمة الدولية لحقوق الإنسان هيومن ريت ووتش يومه الجمعة من الدولة المغربية الأخذ بعين الاعتبار خلال استئناف محاكمة معتقلي الريف ادعاءات التعذيب التي تعرض لها المعتقلون إبان التحقيق الأمني معهم، وقدمت شهادات في هذا الصدد.
وجاء في تقرير للجمعية نشرته في موقعها الرقمي في شبكة الإنترنت “أدانت المحكمة الابتدائية جميع المتهمين الـ53 في 26 يونيو/حزيران، وأصدرت ضدهم أحكاما بالسجن بلغت 20 عاما، بعدما ارتكزت أساسا على “اعترافاتهم”، ورفضت ادعاءاتهم بالتعرض للتعذيب وإنكارهم لما نُسب إليهم في محاضر الشرطة. لم تشرح المحكمة الابتدائية، في حكمها المكتوب ذي الـ3,100 صفحة، لماذا تجاهلت التقارير الطبية التي أشارت إلى أن بعض المتهمين على الأقل تعرضوا للعنف على أيدي رجال الشرطة خلال أو بعد اعتقاله”.
وقال أحمد بنشمسي مدير التواصل والمرافعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى هيومن رايتس ووتش: “لا يجوز لمحكمة أن تتجاهل، بكل بساطة، أدلة تفيد بوقوع تعذيب. على محكمة الاستئناف رفض أي اعترافات مشبوهة، وضمان عدم إدانة أي شخص، إلا لجرائم حقيقية”.
ويضيف التقرير ” استنادا إلى محاضر الجلسات أمام قاضي التحقيق المكلف بالقضية، قال 50 من أصل 53 متهما إن الشرطة في مقر “الفرقة الوطنية للشرطة القضائية” في الدار البيضاء ضغطت عليهم بطريقة أو بأخرى لتوقيع محاضر استنطاق تدينهم من دون قراءة محتواها. قال 21 منهم إن الشرطة هددت باغتصابهم أو زوجاتهم أو بناتهم الصغار. قالت محامية الدفاع بشرى الرويسي إن 17 من المتهمين أخبروها بأنهم تعرضوا للعنف البدني أثناء الاستنطاق، بما في ذلك الصفع والضرب واللكم على الوجه مع تقييد أيديهم، أو إدخال جفافات (مماسح) قذرة في أفواههم. هكذا “اعترف” المتهمون بارتكاب أعمال عنف ضد رجال الشرطة وإضرام النار في سياراتهم وإحراق مبنى لعائلات موظفي الشرطة في إمزورن، بلدة صغيرة قرب الحسيمة، وتنظيم احتجاجات غير مرخص لها. لكنهم نكروا “اعترافاتهم” أمام قاضي التحقيق ثم أثناء المحاكمة”.
وتقول الفقرات الأخرى من التقرير فيما يخص التعذيب والتهديد بالاغتصاب ما يلي:
تسرد تقارير الطب الشرعي التي طلبها المجلس الوطني لحقوق الإنسان روايات المعتقلين الدقيقة لما حدث لهم، بما في ذلك سوء المعاملة الذي يقولون إنهم تعرضوا له، وتقيّم حالاتهم النفسية بالتفصيل. تقتضي المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن توثيق التعذيب وعواقبه، المعروفة أيضا باسم “بروتوكول إسطنبول”، إجراء مثل هذه التقييمات المفصلة. لكن تقارير الطب الشرعي التي أمرت المحكمة بإعدادها لا توفّر من هذه المعلومات المفصلة إلا القليل.
وجد جمال العباسي، الطبيب الشرعي المكلف من المحكمة، علامات عنف على أجساد 3 من أصل 22 معتقلا فحصهم، بمن فيهم ناصر الزفزافي، قائد الحراك. مع ذلك، لم يربط الطبيب بين هذه العلامات وبين عنف الشرطة غير القانوني الذي قال الرجال الثلاثة إنهم تعرضوا له. رفضت المحكمة طلب الدفاع إبطال اعترافات الرجال الثلاثة.
جاء في الحكم، بناء على تقييم الطبيب المكلف من المحكمة، أن سبب إصابات الزفزافي هو “مقاومته العنيفة لعناصر الأمن” خلال اعتقاله في 29 مايو/أيار 2017، وليس عنفا غير قانوني من قبل الشرطة. لم يتطرق الحكم إلى أسباب الإصابات التي وجدها الدكتور العباسي على الرَجلين الآخرين.
فحص هشام بنيعيش وعبد الله الدامي، طبيبان شرعيان كلفهما المجلس الوطني لحقوق الإنسان، 34 سجينا من الحراك. من أصل الـ34، فحص الطبيب الشرعي المكلف من المحكمة 16 ، 10 أو 11 يوما قبل ذلك. وجد الطبيبان بنيعيش والدامي آثار عنف على أجسام 9 رجال (من أصل الـ16 المذكورين أعلاه) قالوا إنها تتسق بدرجات متفاوتة مع رواياتهم عن عنف الشرطة. وصف الطبيبان “الإجهاد الحاد” و”المحنة النفسية الكبيرة” التي كان يعاني منها العديد من المحتجزين عند فحصهم، وذكرا أن “بعض الادعاءات [المتعلقة بالعنف البدني والنفسي خلال الاحتجاز] هي ذات مصداقية لأن العديد من الشهادات المتزامنة تتفق بشأنها”.
ويتضمن الرابط شهادات معتقلي الأحداث الاجتماعية والسياسية في الريف: الرابط