زار الرئيس الفرنسي فرانسوا هولند الجزائر يومه الاثنين 15 يونيو الجاري، وهي زيارة تتزامن مع الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد. وفي الوقت ذاته، يؤكد هولند على أهمية هذا البلد في الأجندة الفرنسية واستبعد تهمكة ميل باريس الدائم للمغرب.
وأجرى فرانسوا هولند لقاءات مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ومع رئيس الحكومة عبد المالك سلال حول التعاون السياسي والاقتصادي. ومن المواضيع التي عالجها هولند في الجزائر التعاون الاقتصادي، حيث ترغب باريس في تأكيد دورها كشريك اقتصادي وتجاري أول مع الجزائر في ظل المنافسة الشديدة من الصين.
وحضرت المواضيع السياسية والنزاعات مثل التنسيق في ملف دولة مالي الذي يهم فرنسا كثيرا بسبب تدخلها العسكري في هذا البلد، وكذلك ملف ليبيا الذي يوجد اختلاف حوله بين البلدين. وابرز هولند في مقال صحفي شره في الصحافة الجزائرية التوافق الحاصل بين البلدين في هذه المواضيع، ثم شدد عليها في الندوة الصحفية التي عقدها.
وتزامنت هذه الزيارة مع الجدل الذي تعيشه الجزائر بشأن صحة الرئيس بوتفليقة، وشكلت تصريحات هولند حول الموضوع إنقاذا للرئيس عندما قال أنه يتمتع بقدرات ذهنية كبيرة لحل الأزمات. وهذه الشهادة أثارت اعتراض بعض أطراف المعارضة التي رأت فيها تدخلا في الشأن الجزائري في وقت تطالب فيه هذه المعارضة بتنحي بوتفليقة بسبب وضعه الصحي المحرج.
وكتبت مجلة لكسبريس الفرنسية أنه يجب رؤية زيارة هولند الى الجزائر من منطلقات شخصية وليس فقط اقتصادية وسياسية. مشيرة الى أن هولند له دراية بالجزائر أكثر من أي بلد مغاربي آخر بحكم عمله السابق في هذا البلد، ووعيه الخاص بأهمية الجزائر بسبب علاقات الماضي الشائكة وبسبب وجود جالية جزائرية سواء المهاجرين أو الفرنسيين الذين كانوا في الجزائر أو الذين عملوا في الجيش الفرنسي.
ونجح هولند من خلال هذه الزيارة التي تعتبر الثانية منذ وصوله الى رئاسة البلاد في إقناع الجزائريين بشيئين، الأول وهو إرادة فرنسا الاستمرار في علاقات جيدة بما في ذلك الاعتراف بماضيها الاستعماري والحديث عنه، وهو الموضوع الذي يستمر شوكة في تطوير العلاقات.
والهدف الثاني هو قرار الجزائر بتفادي لعبة سياسة المحاور بتفضيل هذا البلد أو الآخر في المغرب العربي، ففرانسوا هولند قد نجح في إبعاد تهمة ميل فرنسا للمغرب التي سادت إبان الرئيسين السابقيين جاك شيراك ونيكولا ساركوزي.
في الوقت نفسه، لا يعني زيارة فرانسوا هولند الى الجزائر هو تراجع العلاقات بين باريس والرباط. فعمليا هذه العلاقات تشهد برودة خلال السنتين الأخيرتين، لكنها لم تخرج عن سياقها الكلاسيكي حتى الآن.