تتبلور في الافق الدولي خصوصا في منطقة الخليج العربي ملامح توادد امريكي إيراني من عناونيها إجراء مكالمة هاتفية بين الرئيس الإيراني حسن روحاني والرئيس الأمريكي باراك اوباما هي الأولى للبلدين منذ الثورة الإيرانية سنة 1979. وعلى إيقاعه ونهجه أيضا يتشكل جو سياسي ثنائي يبن طهران والرياض عقب دعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز للرئيس روحاني بزيارة السعودية لأداء فريضة الحج. وتضع هذه المتغيرات إطارا لأسئلة تتعلق بما إذا كان المغرب، وهو حليف لواشنطن وللسعودية ،سيعمد إلى مراجعة علاقته المقطوعة مع إيران خصوصا وان قرار الرباط قطع علاقتها مع طهران كان للسعودية يد فيه كما أشارت إلى ذلك وثائق وكليكس، إضافة إلى وصول رئيس إصلاحي إلى سدة الرئاسة قد يكون معطى مساعدا .
واشنطن وطهران وانعطافة في العلاقات الثنائية
وأحدثت المكالمة الهاتفية التي اجراها أوباما مع روحاني والتي استغرقت 15 دقيقة، وهي المكالمة الأولى لرئيسي البلدين منذ العام 1979، ثم حديث الرئيس روحاني عن وجود ترتيبات للقاء مرتقب قد يجمعه مستقبلا بالرئيس الأمريكي، سياقا جديدا في العلاقات بين واشنطن وطهران خاصة وأن أوباما قال بشأنها “إنها فرصة فريدة لتحقيق تقدم مع القيادة الإيرانية”. ويرى المحللون أن حدوث الاتصال الأول بعد قطيعة تاريخية سياهم بدون شك في استئناف الاتصالات وتطوير العلاقات وإن كان بشكل بطيئ للغاية ولكن يبعد التوتر.
الرياض تسارع إلى الرد بسعي مماثل نحو طهران
هذا التوادد الامريكي الإيراني اول من التقطه واول من اتخذ رد فعل عليه، كانت هي الرياض التي وجدت أن حلفيها الأول في مواجهة إيران بات في موقع جديد يقربه أكثر من الدزلة الفارسية. فكان ان بادر الملك عبد الله بن عبد العزيز يبحث لبلاده عن وضع جديد مع خصمه اللدود في منطقة الخليج، فقام بتوجيه دعوة لروحاني إلى السعودية لاداء مناسك الحج، في مؤشر على تشكل مشهد جديد من التقارب محكوم بالدرجة الاولى بالتوادد الامريكي الإيراني وبخشية الرياض من ان تظل وحدها في الواجهة إذا ظلت على جفائها مع إيران، وهي التي كانت البلد العربي الأكبر في المنطقة يشجع على هجوم عسكري بقيادة واشنطن على طهران ثم على دمشق.
الاجواء الحديدة في العلاقات الامريكية الإيرانية و السعودية الإيرانية وتداعياتها على علاقة الرباط وطهران المقطوعة منذ 2009
وفي ظل الأجواء الجديدة التي تتغلف بها علاقات الولايات المتحدة الامريكية بإيران من جهة وعلاقة السعودية بإيران من جهة ثانية، تنبعث أسئلة بخصوص العلاقات المغربية الإيرانية المقطوعة ،و حول مدى تاثير هذا السياق الجديد على مستقبل العلاقات بين الرباط وطهران خصوصا في ظل اعتبار ما أُشير إليه من وقوف المملكة العربية السعودية دافعا أكبر في قطع المغرب علاقته الدبلوماسية مع إيران.
وكان المغرب قد قطع علاقاته بإيران في مارس 2009 ، واتهمت الرباط طهران ساعتها بالتعامل غير اللائق مع المغرب الذي كان عبر خلال رسالة ملكية عن “تضامنه مع مملكة البحرين ومع سيادته ووحدته الترابية “، علما ان تلك الازمة بين البحرين و إيران لم تؤد إلى قطع العلاقات الثنائية بينهما. كما اتهمتها كذلك، حسب بيان كانت قد بثته وكالة المغرب العربي للانباء كان صدر عن الخارجية المغربية التي كان يراسها الطيب الفاسي الفهري، “بالإساءة للمقومات الدينية الجوهرية للمملكة المغربية والمس بالهوية الراسخة للشعب المغربي ووحدة عقيدته ومذهبه السني المالكي” في إشارة إلى قيام السفارة الإيرانية بدعم التشيع في المغرب.
ومن ناحية أخرى كانت قد كشفت وثائق ويكليكس عن دور سعودي ضمن مساعي الرياض لعزل إيران عن محيطها العربي، إذا أُشير إلى انها من اوعزت للمغرب بقطع علاقته مع إيران.
ومع قدوم اجواء الربيع العربي و وصول الإسلامين إلى السلطة في المغرب وفي باقي بلدان الربيع الاخرى، كان قد بدا مراقبون يتحدثون عن احتمال دور للإسلاميين لإعادة العلاقات الدبلوماسية المغربية الإيرانية إلى العمل من جديد، غير أن الوضع ظل كما كان نظرا لكون الحكومة في المغرب التي يقودها حزب إسلامي لم تطرح اي مباردة في هذا الاتجاه ربما لعدم تلقيها الضوء الاخضر، إضافة إلى أن، و هذا هو العامل الأبرز ، الخارجية المغربية يتحكم فيها بشكل مطلق القصر المغربي.
وهذه التطورات تجر الى التساؤل عما إذا كان الجو الدبلوماسي الجديد المنفتح الذي يهيمن على علاقات واشنطن بطهران والرياض بطهران قد يحدث ثقبا في جدار العلاقات المقطوعة بين المغرب وإيران مادام حليفا الرباط الكبيرين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية ( على الرغم من تراجع المغرب إلى درجات دنيا في سلم الاهمية الاستراتيجية بالنسبة إلى واشنطن)، خطوا معا باتجاه التقارب مع إيران التي يترأسها حاليا رئيس إصلاحي، وسيجعل العلاقة بين البلدين المقطوعة منذ 2009 تخضع للمراجعة والاستئناف.