تصنف الدولة المغربية قضية الصحراء كقضية وطنية أولى بالنسبة للوطن، وتؤكد في كل المناسبات بأنها قضية وجود كما جاء في تصريح رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران الخميس 26 فبراير 2015 عند الاعلان عن قطع الاتصالات مع الاتحاد الأوروبي بسبب قرار المحكمة الأوروبية إلغاء اتفاقية التبادل الراعي بسبب الصحراء.
ورغم احتلال ملف الصحراء موقعا مركزيا في الخطاب السياسي والاعلامي والأجندة العامة للبلاد منذ عقود، تبقى معظم الأخبار التي تصل الى الرأي العام المغربي مصدرها وسائل إعلام أجنبية وليس الدولة المغربية.
ومن ضمن الأمثلة الأخيرة، تجنبت الدولة المغربية الحديث عن زيارة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس الى المنطقة بما في ذلك الرباط، ونشرت وسائل إعلام أجنبية الخبر، ونقله الاعلام المغربي عنها.
رددت وسائل إعلام أجنبية ومنها تلك المرتبطبة بالبوليساريو قرار المغرب عدم استقبال الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون، وتبين في آخر المطاف صدقية الخبر وسط صمت مطلق من طرف الدولة المغربية.
نشرت الصحافة الدولية صعوبة ربح دعوى استئناف الطعن في حكم المحكمة الأوروبية القاضي بإلغاء اتفاقية التبادل الزراعي الأوروبية-المغربية، والتزم المغرب الصمت ولم يقدم توضيحات تدريجية حتى فاجأ الرأي العام المغربي بقرار وقف الاتصالات مع الاتحاد الأوروبي.
أصبحت مواقف المغرب وبياناته حول الصحراء مجرد ردود فعل على التطورات الجارية وأغلبها تتعلق بالشجب والتنديد، وهو بهذا يفتقد لاستراتيجية إعلامية في ملف الصحراء تجعل منه مبادرا.
وغياب الشفافية الاعلامية هي التي تجعل المغاربة يتفاجئون من بعض تصريحات المسؤولين المغاربة ومنهم الملك عندما يعترف بأن وضع الصحراء صعب، أو عندما يشير الى رفض المغرب مقترحات أممية.
ولا يفهم الكثير من المواطنين المغاربة لماذا وضع المغرب صعب، بينما الاعلام الرسمي يتبنى على الدوام أطروحة مغايرة، ولا يفقه في المقترح الجديد المفترض للأمم المتحدة. وهنا تبدأ مسيرة ألف ميل للبحث عن الأخبار، ويجد أمامه وسائل الاعلام الأجنبية.
وبين الحين والآخر، تحدث مفارقات مثيرة، وزير الخارجية صلاح الدين مزوار تعهد بتطوير العمل التواصلي للوزارة، وذهبت تصريحاته في الهواء.
الوزير الناطق باسم الحكومة مصطفى الخلفي كشف مؤخرا عن تكوين ألف شاب مغربي للدفاع عن مغربية الصحراء في شبكات التواصل الاجتماعي، ولكنه لم يتساءل: إذا كانت الدولة تفتقر لرؤية إعلامية استراتيجية تتأقلم مع التطورات الحاصلة في ملف الصحراء وتفتقد لخطاب سياسي مقنع، فكيف سيعمل على تكوين ألف شاب؟
من خلال جرد صغير لما تنشره الصحافة المغربية حول الصحراء، يتبين أن كل الأخبار الهامة التي تعتبر منعطفا أو رئيسية في هذا النزاع مصدرها الخارج ولا تصدر عن الدولة المغربية ومن ضمن الأمثلة البارزة زيارة الأمين العام لمنطقة بئر لحلو التي تعتبر مغربية ولكن تسيطر عليها جبهة البوليساريو. هذا المستجد يعتبر منعطفا خطيرا في نزاع الصحراء. ورغم كل هذا، نجد صمتا رسميا للدولة المغربية.
ويبقى التساؤل: هل يعقل أن ملفا بحجم الصحراء يتم تصنيفه بالقضية الوطنية الأولى تأتي معظم أخباره من الخارج؟