]مدريد-أخبار اليوم
وأخيرا، لم يعد الحديث عن احتمال تنحي العاهل الإسباني الملك خوان كارلوس عن العرش لفائدة ابنه ولي العهد الأمير فيلبي دي بوربون بالموضوع طابو، بل يناقشه الجميع وبدون استثناء بما في ذلك الصحافة اليمينية الموالية للملكية.
وطيلة سنة كاملة، تعرضت الملكية الإسبانية الى سلسلة من الفضائح المالية والسياسية والعاطفية عززت من موقع المنادين بالجمهورية في بلد لا يخفي الرأي العام فيه ميله الى الجمهورية ولا يتردد في التساؤل ما جدوى استمرار الملكية. ومنذ سنة تقريبا، والنقاش السياسي يتطور في البلاد بين الانتقال الى الجمهورية أو تنحي الملك.
وانطلق النقاش في أبريل من السنة الماضية عندما كانت البلاد في ذروة الأزمة الاقتصادية وتعاني من غياب السيولة ويتردد بقوة احتمال تدخل الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وإذا بالإسبان يكتشفون أن الملك أصيب بكسر في رحلة صيد الفيلة في بوتسوانا. اهتزت اسبانيا سياسيا، وارتفعت أصوات تطالبه بالرحيل، ولم يكن من الملك سوى تقديم اعتذار يوم 18 أبريل الماضي للشعب الإسباني عن تصرفه. كان أول اعتذار له منذ وصوله الى العرش في نوفمبر 1975.
وتلت هذه الفضيحة سلسلة من الفضائح، وتتجلى الأولى في تورط إنياكي أوندنغرين، صهره وزوج ابنته الأميرة كريستينا في ملفات اختلاس ومثوله أمام القضاء، ثم ظهور علاقة عاطفية للملك مع أرستقراطية المانية تحمل لقب “الأميرة كورينا”، وخلال هذا الأسبوع تبين امتلاك الملك على حساب بنكي في سويسرا لم يخبر به مصحلة الضرائب الإسبانية. وتقدمت خمس أحزاب بأسئلة الى البرلمان تطالب الحكومة بضرورة تقديم الملك لتوضيحات حول هذا الحساب. ويوم الأربعاء من الأسبوع الجاري، تنفجر القنبلة الإعلامية والمتجلية في توجيه الاتهام الى الأميرة كريستينا بالتورط في اختلاسات مالية.
وتساعد عوامل جديدة لم تكن مرتقبة من قبل في مزيد من الضغط على المؤسسة الملكية. وأولى هذه العوامل هو الصحافة الرقمية، حيث أصبحت صحف رقمية مثل دياريو وبوبليكو ذات التأثير الكبير تتحدث فضائح الملك بشكل علني ومفتوح متجاوز الصمت الذي التزمت به جريدتي الباييس وآ بي سي ولم تلتزم به كثيرا جريدة الموندو. وفي الوقت ذاته، وصل الى قيادة الأحزاب جيل جديد لم يجايل الملك خوان كارلوس، وأصبحت القيادات الشابة أكثر ضغطا على الملك، ويذهب الضغط نحو إخضاع المؤسسة الملكية لقانون الشفافية حتى لا تبقى فوق القانون، كما يذهب نحو المطالبة بالانتقال الى الجمهورية، ويتطور كذلك الى ضرورة تنحي الملك خوان كارلوس عن العرش لصالح ابنه الأمير فيلبي دي بوربون. وصرح بيري نافارو أحد الوجوه البارزة في الحزب الشعبي ومن القيادات الجديدة أمس الجمعة أن “خوان كارلوس عليه التنحي لصالح الأمير لتجديد الروح الديمقراطية في البلاد”.
ولم تعد الصحافة الكلاسيكية ومنها اليمينية مثل لراثون وآ بي سي تتفادى معالجة الأخبار والتصريحات التي تتحدث عن احتمال تنحي الملك عن العرش، فالموضوع لم يعد طابو بل أن جريدة آ بي سي ألمحت في افتتاحيتها أن الانعكاسات السلبية لاتهام الأميرة غير مرتقبة، وطالبت من الأميرة كريستينا قرار ينقذ الوضع، في إشارة الى تنازلها عن لقب الأميرة.
ويبقى المثير في هذا الموضوع، هو تصريح رئيس الحكومة مرايانو راخوي يوم الخميس في ندوة رفقة الأمين العام للأمم المتحدة، بان كيمون في مدريد عندما رد على سؤال حول تنحي الملك عن العرش، قال “لن اقترح على الملك مثل هذا الاقتراح”. ويحمل الرد خطابا مفاده أن رئيس الحكومة لا يعارض تنحي الملك، إذ لم يقل أنه ضد التنحي.
ويرى بعض السياسيين في تنحي الملك مخرجا لورطة الملكية، وتصرح النائب اليسارية خوسفينا سانتياغو لوكالة أوروبا برس “تنحي الملك وتولي الأمير فيلبي العرش يعني تغيير في العائلة الملكية التي ستصير مكونة من فيلبي وزوجته لتيسيا ثم ابنتيه، في حين أن الأميرة كريستينا والأميرة إلينا ستحتفظان بلقب الأميرة ولكن دون احتسابهما ضمن العائلة الملكية الرسمية”.
في ظل الضغط الممارس على الملك خوان كارلوس بسبب الفضائح، وفي ظل ارتفاع المطالبين بالجمهورية، بدأ الفاعلون السياسيون في اسبانيا يعتقدون أنه حانت ساعة رحيل الملكخونا كارلوس عن العرش إنقاذا للبلاد التي تعاني من أزمة اقتصادية صعبة وإنقاذا للمؤسسة الملكية.