هل أصبح الجيش الفرنسي يميل إلى اليمين القومي المتطرف؟ هذا هو الإشكال الذي يقلق وفي صمت الطبقة السياسية في فرنسا بعدما تبين أن معدل التصويت على “التجمع الوطني” بزعامة مارين لوبان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة هو 20 نقطة أكثر مقارنة مع باقي التصويت وسط المجتمع الفرنسي.
ويمتلك الجيش الفرنسي وباقي القوى السياسية الحق في التصويت في الانتخابات الرئاسية، وكان الجيش الفرنسي يصوت عادة لليمين الكلاسيكي بحكم اهتمام اليمين بقضايا المؤسسة العسكرية وخاصة الرفع من الميزانية. وهذه الظاهرة غير مقتصرة على فرنسا بل في غالبية الدول، حيث المؤسسة العسكرية تكون محافظة. ومن ضمن الأمثلة، يميل غالبية الجنود الأمريكيين إلى الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة.
وكشفت جريدة ميديابارت الرقمية منذ يومين عن ارتفاع التصويت في الثكنات العسكرية لصالح اليمين القومي المتطرف إلى مستوى أنه يتقدم بحوالي 20% عن معدل التصويت في المجتمع الفرنسي، وأصبح تقريبا 5 من كل 10 جنود يصوتون لصالح التجمع الوطني الذي كان سابقا الجبهة الوطنية. وهذه النسبة تقريبا هي نفسها في صفوف الدرك وأقل نسبيا في صفوف الشرطة. وعليه فإن 50% من أصوات الجيش تذهب للمرشحة المتطرفة، في حين يتقاسم الـ 50% الأخرى من الأصوات باقي المرشحين من يمين متطرف مثل إريك زمور واليمين الكلاسيكي والمرشح الليبرالي إيمانويل ماكرون ثم اليسار.
وهذه الظاهرة ليست جديدة بل تعود إلى سنة 2012 عندما بدأ علماء الاجتماع يرون كيف ارتفعت أسهم التجمع الوطني في صفوف المؤسسة العسكرية، وتضاعفت سنة 2015 ثم في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 10 أبريل الجاري وسيكون الدور الثاني الأحد المقبل.
ومن المنعطفات المثيرة في علاقة المؤسسة العسكرية باليمين القومي المتطرف، الرسالة الشهيرة التي وقع عليها 20 جنرالا في التقاعد والاحتياط ومئات الضباط وأكثر من ألف عسكري ونشرتها مجلة “فالور أكتيال” خلال أبريل/نيسان الماضي، وتتحدث الرسالة عما تعتبره تفكك فرنسا جراء “الإسلاموية وجحافل الضواحي وفصل أجزاء من الأمة الفرنسية لتحويلها إلى أراض خاضعة لعقائد تتعارض والدستور الفرنسي”. والمثير في الرسالة هو استعداد القيادات العسكرية في التقاعد والاحتياط وكذلك الجنود، العمل مع الأطراف التي تطبق سياسة ترمي إلى الحفاظ على الأمة الفرنسية، وجاءت العبارة في الرسالة الشهيرة “نحن مستعدون لدعم السياسات التي ستأخذ في الاعتبار حماية الأمة”. وكان الموقعون على الرسالة يؤكدون أنهم ينوبون عن زملائهم في الخدمة الذين لا يستطيعون التعبير عن آرائهم ومواقفهم تطبيقا لقانون التحفظ.
وفي الوقت الذي تحفظت فيه غالبية القوى السياسية على مضمون الرسالة بل ووصفها سياسيون بمحاولة انقلابية، رحبت مارين لوبان بالموقعين على الرسالة وطلبت منهم الانضمام إلى حركتها.
عمليا، تعاطف وميل المؤسسة العسكرية مع أطروحات اليمين القومي المتطرف تكون له انعكاسات سياسية سواء في السياسة الداخلية أو الخارجية، أي الميل إلى سياسات التشدد الأمني والدبلوماسي.
هل أصبح الجيش الفرنسي متطرفا؟.. أكثر من 20 نقطة في الثكنات لصالح مارين لوبان مقارنة مع المجتمع الفرنسي
زعيمة التجمع الوطني ماري لوبين