نهاية اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي…ضعيفة اقتصاديا وحساسة سياسيا

تنتهي اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي منتصف ليلة الاثنين 17 يوليوز الجاري، ولن يتم تجديدها بسبب حكم القضاء الأوروبي القاضي بعد قانونيتها بسبب ضمها مياه الصحراء. ومن المنتظر عدم تجديد الاتفاقية مستقبلا في ظل التوتر القائم بين المغرب والبرلمان الأوروبي.

وكان الاتحاد الأوروبي والمغرب يجددان اتفاقيات الصيد البحري بشكل دوري باستثناء توقف بداية العقد الأول من القرن الجاري ثم بدء مشاكل قانونية منذ عشر سنوات بسبب الصحاء. وتضمنت الاتفاقية التي ستنتهي هذا الاثنين الترخيص ل 138 سفينة صيد أوروبية الصيد في المياه الإقليمية المغربية مقابل تعويض مالي قيمته تقترب من 50 مليون يورو سنويا.

وعمليا، هذه الاتفاقية لا قيمة اقتصادية في العلاقات التجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، إذا لا تشكل حتى 1% من قيمة التعامل المالي بين الطرفين. في الوقت ذاته، يتجاوز أسطول الصيد البحري الأوروبي 90 ألف سفينة، و9% منه اسباني، في حين تنص الاتفاقية على الترخيص فقط ل 138 سفينة صيد أوروبية في المياه المغربية.ولم تتقدم عشرات السفن بطلب الترخيص، وفي أحسن الأحوال لم يتعدى تقديم طلبات الاستفادة من الاتفاقية مائة طلب في أحسن الأحوال. ومن باب المقارنة، يمتلك الاتحاد الأوروبي أكثر من عشرة آلاف سفينة صيد في مياه غير أوروبية، 138 فقط في المياه المغربية. ويتم توقيع اتفاقيات مع دول ثالثة بدون ضجيج دبلوماسي مثل حالة موريتانيا والسنغال، لأنه لا يوجد توتر حول مياه معينة مثل مياه الصحراء في حالة الاتفاق مع المغرب. وتصطاد السفن الأوروبية في مياه إقليمية بموجب اتفاقيات مع دول ثالثة أو في أعالي البحار.

ورغم ضعف قيمتها الاقتصادية للاتحاد الأوروبي، أبقى الأخير على الاتفاقية كأداة من أدوات تطوير العلاقات مع المغرب. ومن جانبه شدد المغرب على تجديد الاتفاقية لتطوير العلاقات مع الأوروبيين وخاصة الاستفادة من الدعم العلمي في مجال الصيد البحري من جهة، و تشمل الاتفاقية مياه الصحراء من جهة أخرى، الأمر الذي يعتبره المغرب ربحا سياسيا لأنه اعتراف غير مباشر بسيادة المغرب على هذه المياه.

وبسبب الشق السياسي للاتفاقية، قرر القضاء الأوروبي مرتين  وآخرها خلال سبتمبر 2021 إلغاء اتفاقية الصيد البحري لأنها تشمل مياه الصحراء، ولم يمنع الحكم وقف الصيد بل رخص باستمراره لكن لا يمكن تجديد الاتفاقية. ولهذا لن يتم تجديد الاتفاقية في الوقت الراهن في انتظار قرار محكمة الاستئناف الأوروبية.

وعمليا، توجد صعوبات وعراقيل لتجديد الاتفاقية رغم تصريحات بعض المسؤولين من المفوضية الأوروبية وكذلك تصريحات وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة منذ أيام بالبحث عن صيغة تفاهم جديدة. وكان تجديد الاتفاقية السابقة قد جرى بعدما تم تمييز مياه الصحراء عن باقي المياه الأخرى، ورغم هذه الصيغة التي تعد تنازلا نسبيا من طرف المغرب، رفض القضاء الأوروبي الاتفاقية. وانضاف عامل سلبي آخر ويتجلى في العلاقة المتوترة بين المغرب والبرلمان الأوروبي، إذ أصبح هذا المجلس التشريعي مصدر قلق للرباط في ملفات مثل الصحراء وحقوق الإنسان والتعاون الأمني والقضائي، ومن الصعب تصويت برلمان من هذا النوع على اتفاقية شائكة مع المغرب ستشمل مياه الصحراء.

وأمام هذا الوضع، كل المؤشرات توحي بنهاية هذه الاتفاقية وعدم تجديدها مستقبلا. ولا يعتبر هذا بالمستجد الجديد، فقد فشل المغرب والاتحاد الأوروبي في تجديد الاتفاقية التي انتهت سنة 1999، ولم يكن وقتها موضوع مياه الصحراء مطروحا، وكانت نسبة السفن الأوروبية التي تصطاد في المياه المغربية 400 سفينة صيد أغلبها إسبانية. وبعد سنوات، طرح المغرب على الاتحاد الأوروبي تجديد الاتفاقية وهو ما حصل سنة 2007.

ويعتبر ملف الصيد البحري من الملفات الحاضرة في العلاقات المغربية-الإسبانية، حيث كان أول اتفاق يسمح للسفن الإسبانية بالصيد هو اتفاق مراكش سنة 1767. واستمر المغرب وإسبانيا في توقيع الاتفاقيات حتى سنة 1986. وبعد انضمام إسبانيا إلى الاتحاد الأوروبي، أصبح الأخير هو المسؤول عن التوقيع على اتفاقيات الصيد البحري. ونظرا لصيد الإسبان في المياه المغربية منذ فترة زمنية طويلة، يعتبرون الصيد مكسبا تاريخيا. ولهذا، يتم الحديث عن الصيد في المغرب من باب الحقوق التاريخية، ولهذا يكتسب هذا اللغط السياسي رغم ضعف الاتفاقية اقتصاديا.

Sign In

Reset Your Password