تعتبر روسيا استهداف أراضيها بأسلحة متطورة غربية مثل هيمارس المنعطف الرئيسي الذي سيجبرها على تدمير مقرات القرار السياسي والدبلوماسي والعسكري في أوكرانيا. مما قد يترتب عنه انعكاسات خطيرة على بنية الدولة الأوكرانية التي قد تبدأ بالانهيار.
ومنذ بداية الحرب، كان السؤال الذي يردده الكثير من المراقبين لماذا لا تشن روسيا حربا على أوكرانيا شبيهة بالحروب التي شنتها الولايات المتحدة والحلف الأطلسي في ضرب بعض الدول مثل العراق وصربيا، أي استهداف المقرات الحكومية بما فيها مقر وزارة الدفاع.
وارتأت القيادة الروسية تجنب ضرب هذه المقرات اعتقادا منها في تغيير الأوضاع السياسية في أوكرانيا واحتمال وصول قيادة جديدة تميل لموسكو مستقبلا. في الوقت ذاته، لا ترغب موسكو في شن حرب وحشية، وذلك بهدف تخفيض منسوب العداء مستقبلا بين الأوكرانيين والروس لأنه بعد نهاية الحرب سيضطر البلدان للتعايش معا مجددا.
ولهذا، تعتبر الحرب الحالية هي التي سجلت الأقل نسبة من سقوط السكان المدنيين مقاربة مع حروب أخرى مثل العراق وأفغانستان، كما أنها الحرب التي لم تسجل تدمير المقرات التي ترمز للسيادة مثل مقر رئاسة الحكومة، وكان قد وقع العكس في حرب العراق عندما بدأ البنتاغون بتدمير مقرات رئاسة هذا البلد العربي.
وكشف وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في تصريحات له الثلاثاء من الأسبوع الجاري في تقييم الحرب ونقلتها الصحافة الروسية ومنها سبوتنيك أن “استخدام الجيش الأوكراني صواريخ ستورم شادو (بريطانية) وهيمارس (الأمريكية) خارج منطقة العمليات الخاصة، سيعني المشاركة المباشرة للولايات المتحدة وبريطانيا في النزاع، وسيستلزم ضربات فورية على مراكز صنع القرار في أوكرانيا”. ويعد هذا التصريح بمثابة تنبيه واضح للقيادة الأوكرانية بعدم المغامرة.
وتحث كل من واشنطن ولندن الجيش الأوكراني على تفادي استخدام هذه الصواريخ المتطورة ضد الأراضي الروسي خوفا من رد فعل قاس للجيش الروسي بتدمير مقرات الوزارات الأوكرانية مثل رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع. وإن حدث هذا، يعني الانهيار النسبي للدولة الأوكرانية، إذ ستجد القيادة السياسية والعسكرية الأوكرانية نفسها مطالبة باللجوء إلى المخابئ للعمل السري أو الانتقال إلى دول مجاورة مثل بولندا للعمل من هناك.
وزودت الولايات المتحدة أوكرانيا بأسلحة جعلتها تحقق بعض النتائج في هذه الحرب وهي، جافلين لمواجهة الدبابات والمدرعات الروسية ثم صواريخ ستينغر لمواجهة هجمات الطائرات المروحية، وأخيرا هيمارس، وهذه الأخيرة يجري استعمالها لضرب مخازن السلاح وتجمعات القوات الروسي. ومنحت بريطانيا نسبة هامة من السلاح لأوكرانيا، ويبقى أهمها هي صواريخ ستورم شادو التي تعتبر صواريخ من طراز كروز. تقوم بدور هيمارس.
ووعيا بمخاطر هجوم أوكرانيا على الأراضي الروسية وما قد يترتب عنه من رد عنيف للغاية، تمنح واشنطن ولندن للجيش الأوكراني صواريخ متوسطة المدى تسمح له بالهجوم على الأراضي في إقليم دونباس التي تحتلها روسيا.
وشنت القوات الأوكرانية هجمات ضد مناطق روسية بل وحاولت ضرب العاصمة موسكو بطائرات “الدرون”، واستعملت أسلحة أوكرانية أو روسية من التي كانت تمتلكها منذ عهد الاتحاد السوفياتي، ولكنها لم تغامر حتى الآن باستعمال أسلحة غربية في ضرب الأراضي الروسية.