اعتبرت سوق السلاح في الشرق الأوسط التي تقدر بمليارات الدولارات -والتي تعززها المشتريات الضخمة لدول النفط مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت قطر- واحدة من أكبر موارد صناعة الأسلحة الأميركية.
لكن الصفقة المذهلة التي بلغت قيمتها 100 مليار دولار، لبيع طائرات تجارية جديدة بوينغ 777X لثلاث شركات طيران في دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر، أصبحت تهدد الآن بالتفوق على المبيعات العسكرية الأميركية في المنطقة.
وصرح ويليام هارتونغ -مدير مشروع الأمن والأسلحة في مركز السياسة الدولية- لوكالة إنتر بريس سيرفس بأن مبيعات الاسلحة الامريكية لمنطقة الشرق الأوسط والخليج الفارسي وصلت إلى مستويات قياسية في السنوات الأخيرة. واضاف، “لقد رفعوا الولايات المتحدة إلى موقع الهيمنة في السوق العالمية، فهي تسيطر على 78 في المئة من تلك المبيعات منذ عام 2011”.
والأبرز من ذلك، كما أشار هارتونغ، هي حزمة 60 مليار دولار في صفقة أسلحة للملكة العربية السعودية التي أخطر بها الكونجرس الامريكي في 2010. “لقد كانت أكبر صفقة للأسلحة أبرمتها الولايات المتحدة مع أي بلد” في العالم.
وجاءت صفقة مليارات الدولارات للطائرات التجارية الأسبوع الماضي لتحل محل مبيعات الأسلحة كأكبر مصدر للدخل من الصفقات الأميركية إلى المنطقة على مدى السنوات القليلة المقبلة. “ومع ذلك، فإن إدارة الرئيس باراك أوباما تدفع بقوة مبيعات الاسلحة الامريكية، واي إنخفاض لتلك المبيعات لن يكون نتيجة لعدم محاولة الإدارة والصناعة في الولايات المتحدة لزيادتها”، وفقا لهارتونغ.
وكانت شركات الخطوط الجوية “الإمارات” و “الاتحاد للطيران” والخطوط الجوية القطرية ، قد وقعت صفقة 100 مليار دولار للطائرات التجارية التي أعلن عنها في معرض دبي للطيران مع التسليم المقرر في عام 2020.
وقدرت مجموع عقود مبيعات الطائرات التجارية لدول الشرق الأوسط بأكثر من 150 مليار دولاراً، وفقا لأحد التقارير التي تم نشرها.
وقالت شركة بوينج، ومقرها في الولايات المتحدة، أن لديها طلبيات الآن لعدد 342 طائرة في اليوم الأول من المعرض الجوى فقط.
وقالت الدكتورة ناتالي جولدرينج -الزميلة البارزة في برنامج دراسات الأمن في كلية ادموند وولش في جامعة جورج تاون- أن معرض دبي للطيران مثل مفاجئة لشركة طائرات بوينغ. ومع ذلك، كما قالت، من المهم أن فصل جهود العلاقات العامة في العروض الجوية عن التسليم الفعلي.
وشرحت جولدرينج: “الشركات تتفاوض لعدة أشهر قبل التوصل إلى اتفاقات يمكن الإعلان عنها وسط ضجة كبيرة في بداية العروض الجوية الدولية الكبرى مثل دبي”. واضافت: “لكن ليست كل الطلبات تصبح عقوداً، وليست كل العقود تقود إلى التسليم الفعلي. وهذا يعني أي إعلانات في المعارض الجوية من المرجح أن يكون مبالغا فيها”.
ومع ذلك ، أشارت جولدرينج إلى أن عقود بيع الطائرات التجارية في الخارج تعتبر دفعة اقتصادية للمصنعين و المساهمين، والمجتمعات التي يتم بناء الطائرات لديها. وأوضحت أن هذه المبيعات تتجنب المخاطر القصيرة والطويلة الأجل المتعلقة بالمبيعات العسكرية. وأوضحت أن البعض اشار إلى أن وجود الطائرات التجارية في السوق قد يلقي بظلاله على السوق العسكرية.
واضافت أن “حجم السوق للطائرات المدنية البحتة ليس مصدر قلق كبير بالنسبة لأولئك منا الذين يقلقون من المعدات العسكرية المتطورة التي يجري بيعها في جميع أنحاء العالم”.
هذا وتشمل مبيعات الأسلحة الأخرى المقترحة في الشرق الأوسط 4.7 مليار دولاراً من المعدات العسكرية إلى العراق، وصفقة 1.1 مليار دولار لرادار للإنذار المبكر لدولة قطر، ومجموعة طائرات C-130J ب 588 مليون دولار إلى ليبيا، و200 مليون دولار صفقة لدعم أسطول الكويت من الطائرات المقاتلة F/A-18.
وفي المقابل، فأكبر مشتري الأسلحة في الشرق الأوسط -وهما مصر وإسرائيل- ليسوا عملاء يدفعون الأموال السائلة ولكنهما يتلقيان كل أسلحتهم تقريباً دون أي تكلفة، وذلك كجزء من المساعدات العسكرية الأمريكية.
في هذا الشأن، قال هارتونغ لوكالة إنتر بريس سيرفس أن الإتفاق السعودي يتضمن الطائرات المقاتلة والمروحيات الهجومية، وصواريخ جو-جو وجو-أرض والمدرعات والقنابل والبنادق والذخيرة -أي تقريبا ما يكفي لرفع مستوى القوات المسلحة السعودية بأكملها. وشركة بوينغ، كما قال، هي المستفيد الأكبر من هذه الصفقة.
والعناصر الوحيدة غير الموجودة في الحزمة السعودية هي السفن القتالية والدفاع الصاروخي واسع النطاق، والتي هي في طور الإعداد.
وقال هارتونغ أن إعادة تسليح العراق المعتمدة على عائدات النفط العراقي، وليس المساعدات الأمريكية، قد مثلت دعماً كبيراً للمنتجين الأمريكيين. فكبار المنتجين الأمريكيين يبحثون عن المبيعات الخارجية لملء الثغرات الناتجة عن الاتجاه التنازلي في البنتاغون الخاص بالإنفاق علي السلاح في السنوات القليلة الماضية.
وأضاف: “من الصعب أن نرى كيف يمكن أن تستمر مبيعات الأسلحة إلى المنطقة على هذه الوتيرة … فهي بالتأكيد تؤدي لإشباع السوق السعودية”.
ومع ذلك، الأموال المتأتية عن الصفقات يتم إنفاقها عادة على مدى فترة خمس سنوات إلى 10 سنة، لذلك سوف يكون هناك دخلا ثابتا للشركات الأمريكية من الصفقات المعلنة في عام 2010 وحتى الوقت الحالي لبعض الوقت.
لكن هارتونغ حذر، “ومع ذلك ، فذلك ليس مؤكداً، فهناك احتمال أن تكون صفقات الأسلحة الضخمة الأخيرة للمنطقة هي مجرد فقاعة إعلامية”.
عن هذا، قالت جولدرينج لوكالة إنتر بريس سيرفس أن مبيعات الأسلحة المقترحة إلى دول الشرق الأوسط لم يتم تدقيقها بشكل كافي. وأضافت: “حتى الإسرائيليين، الذين غالبا ما يقلقون من المبيعات العسكرية المحتملة لخصومهم، اختاروا على ما يبدو الجدال من أجل زيادة المساعدات العسكرية لإسرائيل بدلا من معارضة هذه المبيعات”.
وشددت علي أن “التوقيع على معاهدة لتجارة الأسلحة في خريف هذا العام من قبل وزير الخارجية الامريكية جون كيري، يمثل أخباراً سارة. والآن حان الوقت لأن ترقى الولايات المتحدة إلى مستوى هذه الالتزامات”.
وقالت جولدرينج: “يجب أن يتم تقييم جميع المبيعات العسكرية المقترحة لضمان كونها متسقة مع نص وروح معاهدة تجارة الأسلحة”… “على سبيل المثال، يجب حظر أي مبيعات الأسلحة مما يحتمل أن تستخدم في القمع الداخلي، وبما يتفق مع أحكام المعاهدة”.
وأضافت أن “المبيعات العسكرية الخارجية تحمل العديد من المخاطر. فالأسلحة غالبا ما تكون قابلة للاستخدام لعدة عقود. وهذا يعني أنه عندما تبيع الحكومة الأمريكية أسلحة للعملاء في الخارج، فهي تفترض أن حكوماتها ستكون مستقرة لفترة من الزمن”.
وحذرت جولدرينج من أن عدم استقرار الحكومات بين الدول المتلقية للأسلحة يزيد من خطر وقوع الأسلحة الأميركية في أيدي الأعداء، وحتى احتمال استخدامها ضد القوات الامريكية