تشهد السويد ومنذ أيام أحد أكبر المناورات العسكرية في تاريخها بمشاركة 12 دولة غربية على رأسها الولايات المتحدة، وفق بيان لوزارة الدفاع في هذا البلد. وتهدف المناورات إلى عدم تحول جزيرة غوتلاند السويدية إلى شبه جزيرة القرم ثانية ولكن هذه المرة في بحر البلطيق.
وتعتبر السويد من الدول المحايدة، غير أن الحرب الروسية ضد أوكرانيا دفعتها رفقة فنلندا الى الانضمام إلى منظمة شمال الحلف الأطلسي. وانضمت الثانية بينما تستمر عضوية السويد معلقة بسبب الفيتو التركي بسبب اختلافات سياسية حول مجموعة من المعارضين الأكراد المقيمين في هذا البلد.
وتحولت السويد الى نقطة ضعف الغرب وخاصة الحلف الأطلسي بحكم أنها الدولة الوحيدة غير العضو في هذا التكتل السياسي. وعليه، إذا تفاقمت الحرب نحو مناطق أخرى، تبقى السويد مرشحة لسببين، الأول هو عدم انخراطها في الحلف الأطلسي، وهذا سيجعل الحلف في موقف صعب للدفاع عنها، وثانيا بحكم ما يعتقده الغرب برغبة روسيا في السيطرة على جزيرة غوتلاند الاستراتيجية التي هي ضمن الأراضي السويدية وتقع في قلب بحر البلطيق.
ودفاعا عن هذه الجزيرة بل وكذلك الأراضي السويدية بمجملها، بدأت القوات العسكرية البحرية والجوية والبرية في هذا البلد الأوروبي منذ أيام مناورات عسكرية تعتبر الأكبر من نوعها منذ الحرب الباردة بمشاركة 26 ألف جندي ومشاركة 12 دولة أخرى منها النرويج وبولندا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، كل الدول أعضاء في الحلف الأطلسي. وستنتهي هذه المناورات يوم 11 مايو المقبل، وهي تتشارك ومناورات أخرى للحلف الأطلسي في النرويج لتصبح مناورات وكأنها واحدة. وهذه المناورات تحاسي سيناريو حرب حقيقية بالرد على عدوان يستهدف الجزيرة المذكورة، وبالتالي، العمل على تجربة الاتصالات والتنسيق في الدفاع والهجوم بين مختلف الشعب العسكرية من قوات برية وجوية واستخبارات ومستشفيات عسكرية لاستقبال الجرحى.
وتركز هذه المناورات على حماية جزيرة غوتلاند. وكانت السويد قد بدأت سنة 2017 تعزيز الدفاع في هذه الجزيرة، وأعلنت حالة استثناء قصوى خلال يناير 2022، عندما أرسلت روسيا سفنا حربية الى كالينيغراد، وهو الجيب الروسي المتاخم لبولندا وليتوانيا ويبعد ب 300 كلم عن الجزيرة السويدية. وقال وقتها ماتياس أردين قائد القوات العسكرية السويدية في جزيرة غوتلاند “المتأمل في خريطة البلطيق، سيدرك أننا في الوسط، وكل من يسيطر على الجزيرة سيتحكم في عمليات الإبحار جوا وبحرا”. وفي تلك الفترة، طلبت السويد من مواطنيها اتخاذ الإجراءات الكافية لأن البلاد قد تتعرض لهجوم عسكري. وتكتب الصحافة السويدية أن روسيا تحت قيادة الرئيس فلاديمير بوتين تحولت الى مصدر للمفاجآت العسكرية، وعليه يجب الاستعداد لأي طارئ عسكري.
وتصف الدراسات العسكرية هذه الجزيرة التي تتجاوز مساحتها ثلاثة آلاف كلم مربع بحاملة الطائرات التي لا تبحر، وذلك نظرا لموقعها الحساس جدا للتحكم في الملاحة في شمال أوروبا.
ويعتقد السويديون أن غوتلاند أصبحت ذات أهمية قصوى، ولا يمكن استبعاد أي مفاجأة روسية بالهجوم عليها تحت أضعف مبرر. وأصبحت تكتسب صفة “شبه جزيرة القرم” لأن السيطرة عليها ستقود إلى السيطرة على كل بحر البلطيق. وتضاعف هذا الشعور منذ حرب أوكرانيا بعدما بدأت موسكو تهدد السويد بعقوبات عسكرية نتيجة رغبتها الانضمام الى الحلف الأطلسي ثم المساعدات العسكرية التي تقدمها للجيش الأوكراني.
وتعتبر السويد عسكريا دولة قوية بصناعتها المتقدمة جدا لاسيما في الأسلحة المتعلقة بالقوات الخاصة ونوعية فرقاطاتها، غير أنها لا تمتلك جيشا قويا، ولا يمكنها اعتراض هجوم روسي بالصواريخ من منطقة كالينينغراد ضد غوتلاند. وكانت حكومة هذا البلد قد صادقت الأسبوع الماضي على الرفع من ميزانية الدفاع لاقتناء وتطوير أسلحة، والاستعداد للانضمام للحلف الأطلسي.