يقوم ملك إسبانيا فيلبي السادس يوم الأربعاء المقبل بزيارة رسمية الى المغرب، وهي الأولى من نوعها منذ وصوله الى العرش سنة 2014.
ويرغب البلدان في تحويلها إلى منعطف للدفع بالعلاقات الثنائية لكن القطاعات الأساسية مثل الاستثمار والتعاون الثقافي والسياسي، لا تساعد كثيرا، باستثناء التعاون في القطاعات الأمنية والتبادل التجاري.
وتؤكد جريدة “الموندو” في عددها الأحد، بأن مدريد اقترحت على المغرب ست مرات إجراء هذه الزيارة، علما أنه سبقتها زيارة غير رسمية منذ سنوات، وكاد فيلبي السادس أن يزور المغرب خلال يناير الماضي، لكن القصر الملكي المغربي ألغى تلك الزيارة قبل خمسة أيام من حدوثها، مما خلف استياء وسط الحكومة والقصر في مدريد.
وبهذا، ستكون زيارة الأربعاء هي الرسمية الأولى وقد يترتب عليها التوقيع على اتفاقيات متعددة في مختلف القطاعات، لتكون هذه الزيارة منعطفا في رفع مستوى التعاون بين البلدين.
وإذا تم ترك التصريحات البروتوكولية والحماسية جانبا، تعيش العلاقات بين مدريد والرباط وضعا عاديا وليس استثنائيا.
في هذا الصدد، يوجد تعاون وثيق في مجال محاربة الإرهاب الذي يهدد البلدين، حيث هناك تنسيق قوي بين الأجهزة الأمنية والاستخباراتية بين الطرفين.
في الوقت ذاته، يوجد تنسيق قوي بين البلدين في محاربة الهجرة السرية، رغم تحفظات مدريد على الرباط بسبب ما تعتبره تماطلا في قبول مواطنيها الذين يصلون الى الأراضي الإسبانية عبر قوارب الهجرة.
وحطمت سنة 2018 رقما قياسيا في تاريخ الهجرة بوصول أكثر من خمسين ألف مهاجر أغلبهم من المغاربة.
كما يوجد تعاون بين الرباط ومدريد في ملف النزاعات الترابية، فقد التزمت اسبانيا نسبيا بوقف أي دعم لجبهة البوليساريو مع الاحتفاظ بدعم تقرير المصير، مقابل تجميد المغرب في الوقت الراهن لمطالبه في سبتة ومليلية المحتلتين.
ويستمر التبادل التجاري بين البلدين في الارتفاع، حيث تحولت إسبانيا الى المزود الرئيسي للمغرب، لكن العلاقات الاقتصادية وخاصة الاستثمار الإسباني في المغرب يحتل مراكز متدنية، حيث انسحبت الشركات الكبرى من السوق المغربية وفعلت الأمر نفسه البنوك التي لم تعد تمتلك أي أسهم في نظيراتها المغربية. وتراجع التعاون الثقافي الى مستوى لم يسبق أن شهدته العلاقات خلال العقود الأخيرة.
واحتضن مركز “سيرفانتيس” في الرباط الأسبوع الماضي نقاشا حول اللغة الإسبانية في المغرب، وأكد خبراء مغاربة ومنهم عبد الرحمان فتحي تراجع الإسبانية وتراجع الاهتمام بدراسة العلاقات الثنائية.
وفي الجانب الإنساني، تعاني الجالية المغربية في إسبانيا من التهميش المؤسساتي مما ينعكس عليها سلبا، إذ تشتكي من صعوبة تجديد بطاقة الإقامة بينما يعتبر المهاجرون كل المؤسسات الإسبانية، بما فيها تلك التي توجه نشاطاتها الى العالم العربي، مغلقة في وجوههم.
وكان الملك الأب خوان كارلوس ينادي الحسن الثاني بشقيقي الأكبر والأخير يناديه بشقيقي الصغير، وتتساءل جريدة الموندو هل ستجعل هذه الزيارة من الملكين شقيقين سياسيين ببناء علاقة حوار متينة أم لا.