وجهت الجمعيات الحقوقية المغربية انتقادات قوية لوزير الداخلية المغربية محمد حصاد بعدما اتهم هذه الجمعيات بالتوصل بدعم خارجي والتشويش على عمل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في مكافحتها للإرهاب. ووصل الأمر الى مطالبته بتقديم اعتذار وتقديم الاستقالة.
وكان محمد حصاد قد استعرض في البرلمان المغربي تطورات الملف الأمني المرتبط بمكافحة الإرهاب بعد إعلان “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام” ، واستغل الفرصة ليوجه انتقادات قوية الى الجمعيات الحقوقية متهما إياها بعرقلة عمل الأمن ومتهما إياها كذلك أن هذا يجري بمقابل مادي في حديثه عن المساعدات التي تتوصل بها من الخارج.
وطالب مكتب العصبة المغربية لحقوق الإنسان بإقالة محمد حصاد عن هذه التصريحات، بينما طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بضرورة تقديمه اعتذارا عما صدر عنه من اتهامات.
وجاء بيان الجمعية المغربية قويا ضد وزير الداخلية، ونص البيان الصادر يوم الجمعة هو كالتالي:
بينما تنتظر الحركة الحقوقية من الدولة، وهي تستعد لاستضافة المنتدى العالمي لحقوق الانسان، الإقدام على اتخاذ مبادرات حقوقية وإجراءات عملية لتنفيذ التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، تضع من بين أولوياتها، التنفيذ الكامل والكلي لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وفتح تحقيق شفاف ونزيه في جميع شكايات العنف والتعذيب المعروضة عليها دون تلاعب أو توظيف، بما في ذلك الشكاية الموضوعة من طرف الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الانسان، ضد وزير الداخلية عقب الاعتداء على المشاركين في وقفة 02 غشت 2013، المجمدة من قبل القضاء في خرق سافر للقانون؛ وفيما كانت تترقب أن تعمد الدولة أيضا إلى إجراء تحقيق في ملفات الفساد المتراكمة التي وقفت عليها المجالس الجهوية للحسابات بالعديد من الجماعات والعمالات والولايات، ووضع حد للاستيلاء والسطو على أراضي الدولة والأراضي الجماعية والمجال البحري والغابوي من طرف بعض ذوي النفوذ والمسؤولين في مختلف الوزارات بمباركة مسؤولين تابعين لوزارة الداخلية، وجعل حد للإفلات من العقاب للمتورطين فيها وفي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ماضيا وحاضرا، وحل مشكل الجمعيات الكثيرة الممنوعة تعسفا من وصل الإيداع ومن استعمال الفضاءات العمومية، وغيرها من الانتهاكات المتواصلة للحقوق والحريات؛ فقد فضلت أن تطلق، على لسان وزير داخليتها، حملة شعواء ومضللة ضد الحركة الحقوقية المغربية والدولية، في ربط مغرض وآثم بين العمل الحقوقي والإرهاب؛ حيث جرى اتهام الجمعيات الحقوقية المغربية بتلقي أموال من جهات أجنبية مقابل القيام “في حملة مدروسة” بخدمة أجندة خارجية عن طريق إعداد ملفات وتقارير مغلوطة، تتهم فيها “أفراد المصالح الأمنية بارتكاب التعذيب ضد المواطنين”، الأمر الذي ترتب عنه، ويا للعجب !!!”إضعاف القوات الأمنية”، بل و”ضرب المصالح الأمنية، وخلق نوع من التشكيك في عملها”.
إن المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الانسان، الذي تلقى هذه التصريحات غير المسؤولة بالكثير من الاستهجان والاستنكار، ليس لسطحية ما تدعيه وتهافت ما تستند إليه، وإنما لخطورة المقاصد والأهداف التي تتغيا خدمتها، وفي مقدمتها تبخيس العمل الحقوقي، بجعله محل شبهة ووصم، ونزع طابع المصداقية والموثوقية عنه، وهو يطالب الحكومة بالاعتذار العلني عن هذه الاتهامات المتجنية على الحقيقة والمجافية للصواب، فإنه يرى من واجبه توضيح ما يلي:
إن الجمعيات الحقوقية، وضمنها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لا تتلقى الأموال أو الهبات من أية جهة كانت، وإنما تعقد شراكات متكافئة مع هيئات حكومية أو وكالات إقليمية أو دولية، مثلها في ذلك مثل مؤسسات وقطاعات حكومية لم يأت الوزير على ذكرها، في إطار الالتزام الدولي بتعزيز احترام جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع، وفق ما تضعه من برامج وخطط وأنشطة محددة، تروم حماية حقوق الإنسان والنهوض بها وإشاعتها داخل المجتمع، وذلك في تشبث راسخ باستقلالية اختياراتها ومواقفها الحقوقية، واعتماد شبه كامل على إمكاناتها الذاتية؛ وهي تقدم كل المعلومات والمعطيات حول هذه الشراكات إلى الأمانة العامة للحكومة، وليس لديها ما تخفيه أو تتستر عليه؛
إن محاولة وزير الداخلية خلط الأوراق لطمس الحقائق في ما يتعلق بالتعذيب محاولة يائسة؛ ذلك لأن الوقائع، كما تصريحات المسؤولين أمام المفوضة العليا لحقوق الإنسان وتقارير المقررين الأمميين ومنظمات المجتمع المدني، تؤكد وجود حالات عديدة منه، والمنتظر هو الكشف عن المتورطين في هذه الحالات، ومساءلتهم وتقديمهم للمحاكمة العادلة؛
إن محاربة الإرهاب، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون مسوغا لانتهاك حقوق الإنسان، والتعدي على حقوق وحريات المواطنين والمواطنات، بعيدا عن أية مراقبة أو حساب؛ وأن من مسؤوليات وواجب الجمعيات الحقوقية الوقوف في وجه ذلك، واتخاذ جميع الخطوات الرامية إلى استئصاله واجتثاثه، بوضع حد للإفلات من العقاب الذي لازال يتمتع به المسؤولون عنه؛
إن على الدولة التي انفضح خطابها التضليلي حول الديمقراطية والحداثة والعهد الجديد بعد أن حاصرتها التوصيات المتراكمة الصادرة عن مختلف التقارير الأممية، وليس فقط عن المنظمات الحقوقية، أن تنكب على تنفيذ التزاماتها في مجال حقوق الإنسان عوض الهروب إلى الأمام والتهجم على المجتمع المدني؛
لذلك فإن الجمعية التي كانت وستظل تعتبر نفسها جزءا من الحركة الحقوقية الديمقراطية الوطنية والعالمية، ستستمر في التعاون والعمل المشترك مع هذه الحركة في ما يخدم تطور أوضاع حقوق الانسان ببلادنا، وهي ماضية في عملها ولن تكترث في ذلك للتصريحات غير المسؤولة لوزير الداخلية، وغيره من سدنة التضليل ومروجي الأباطيل.
المكتب المركزي