سجل ملف التجسس بواسطة برنامج بيغاسوس تطورا جديدا في العلاقات بين الرباط وباريس يصب نحو الأسوأ، بعدما طالبت النيابة العامة الفرنسية، هذا الأسبوع، برفض طلب المغرب ملاحقة صحف مثل لوموند ومنظمات حقوقية دولية مثل العفو الدولية، قضائيا.
وكانت منظمة “فوربدين ستوريز” رفقة 17 من وسائل الإعلام العالمية مثل واشنطن بوست ولوموند قد فجرت، الصيف الماضي، فضيحة التجسس بواسطة البرنامج الإسرائيلي بيغاسوس. ونشرت أسماء الدول التي استعملت البرنامج مثل المكسيك والإمارات والسعودية وكازاخستان والمغرب.
واتهمت الصحافة الفرنسية المغرب بالتجسس على أرقام هواتف مسؤولين فرنسيين على رأسهم الرئيس إيمانويل ماكرون ووزراء وعدد من الصحافيين منهم إيدوي بلينيل، مدير الجريدة الرقمية المعروفة ميديابار. كما أشارت الصحافة الفرنسية إلى تعرض هواتف ملك المغرب محمد السادس وأمراء مثل الأميرة للاسلمى والأمير هشام وشقيقه إسماعيل للتجسس. ونشرت منظمة العفو أرقام هواتف مغاربة تعرضوا للتجسس.
ونفت الدولة المغربية في مناسبات متعددة اتهامات التجسس، ورفعت دعاوى أمام القضاء الفرنسي ضد وسائل الإعلام الفرنسية التي اتهمتها، وهي لوموند وراديو فرنسا وفرانس ميديا موند وميديابار ولومانيتي ومؤسسة فوربيدن ستوريز. وطالبتها بتقديم البراهين حول تنفيذ عملية التجسس الكبرى هذه.
وشرع القضاء الفرنسي، أمس الأربعاء، في النظر في الدعوى التي تقدم بها المغرب. وانطلق دفاع المغرب من قاعدة تعتبر الدول رغم أنها كيانات فهي كذلك بمثابة أشخاص اعتباريين مطالبين بالدفاع عن صورتهم من الضرر الذي يتعرضون له.
ونقلت وكالة فرانس برس أن النيابة العامة الفرنسية تبنت موقفا لا يصب في صالح المغرب ودافعت عن الرفض الأوتوماتيكي للدعاوى التي تقدم بها ضد وسائل الإعلام المذكورة. واعتمدت النيابة في تبرير مطالبها بعدم امتلاك الدول الصفة لرفع دعاوى تشهير باسم القانون الفرنسي. ونقلت وكالة المغرب العربي “لاماب”، الخميس، تصريحات محامي المغرب التي رفض فيها موقف النيابة العامة.
وكانت الحكومة الفرنسية قد طلبت من القضاء التحقيق في عملية التجسس التي تعرض لها مسؤولون وصحافيون في فرنسا. واستمعت الشرطة لعدد من المتضررين، ولكنها لم توجه الاتهام إلى أي جهة حتى الآن.
وتحولت قضية بيغاسوس إلى ملف شائك في العلاقات الدولية لاسيما بعدما اعتبرت واشنطن استعمال بيغاسوس “مسا خطيرا بالأمن القومي الأمريكي وبالسلم العالمي”. ويبدو أن فرنسا مصممة على الذهاب بعيدا في الملف، فقد ضغطت على إسرائيل لمعرفة الجهات التي حصلت على برنامج التجسس، ولماذا لم تستثن الشركة المصنعة فرنسا من التجسس، كما فعلت مع روسيا والصين والولايات المتحدة وبريطانيا.
في الوقت ذاته، كانت الصحافة الفرنسية قد تحدثت عن اتصالات على أعلى مستوى بين المغرب وفرنسا، في إشارة الى اتصال الرئيس ماكرون بالملك محمد السادس حول الموضوع دون إضافات توضيحية.
ومنذ اندلاع أزمة بيغاسوس، تشهد العلاقات بين الرباط وباريس أزمة تتجلى في عدم تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين. ولم يتوجه أي وزير فرنسي إلى الرباط لشرح أجندة فرنسا خلال رئاستها الحالية للاتحاد الأوروبي، أي تقديم المشاريع الخاصة بمنطقة المغرب العربي.