يضيف وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار تسريبات القرصان كريس كولمان مزيدا من الغموض والضبابية برفضه الكشف عن المعطيات الكاملة في هذا الملف والتعهد بالحديث مستقبلا. ولم يفتح المغرب رسميا حتى الآن تحقيقا سياسيا وأمنيا علانية، بينما اختفى القرصان من موقع التواصل الاجتماعي تويتر مباشرة مع التقارب بين باريس والرباط.
وكان الرأي العام وخاصة المتابعين لملف كولمان، قد انتظروا باهتمام تصريحات وزير الخارجية أمام لجنتي الخارجية في البرلمان بغرفتيه يومه الخميس من الأسبوع الجاري ليكشف عن نتائج التحقيق في هذا الملف. فالأمر يتعلق بأول حرب إلكترونية ورقمية يتعرض لها المغرب بشكل علني ولم يفلح في احتواءها لمدة شهور.
وقامت جهة مجهولة تخفت وراء اسم كريس كولمان24 في موقع التواصل الاجتماعي تويتر بنشر ما بين بداية أكتوبر الى منتصف يناير الماضيين مئات الوثائق الرسمية للدبلوماسية المغربية وكذلك مضمون البريد الالكتروني لأشخاص كانوا يعملون ضمن ما يعرف بلوبي الصحراء دوليا.
واكتفى الوزير بتصريحات مبهمة في البرلمان وتزيد الملف غموضا، حيث قال “كل ما نقوله نكتبه”، وأضاف بالدارجة “وحنا ما مفاكينش في القضايا الأساسية”. ونقلت الجريدة الرقمية اليوم 24 هذه التصريحات بقوله “مايدخلناش الوسواس ثاني”، وأنهى الملف بقوله أنها حرب إلكترونية تعرض لها المغرب، وتعهد بالعودة الى الموضوع لكيشف “كيف يتم اللعب”.
وتزيد تصريحات الوزير ملف كريس كولمان غموضا وهو الذي كان قد بدأ بتسريب وثيقة في نهاية الصيف الماضي تهم صلاح الدين مزوار بشأن مطالبته للوران فابيوس تسهيل حصول ابنته على الإقامة في باريس للعمل في معهد دولي للدراسات الاقتصادية. وقام لاحقا بالرفع من وثيرة النشر بشكل مذهل. ورغم محاولة مزوار التقليل من أهمية التسريبات، فقد انعكست سلبا على المغرب بشأن الكشف عن شبكات المتعاطفين معه.
وكان وزير الخارجية قد اتهم الجزائر في البدء، ولكنه تراجع لاحقا عن الاتهام وقال ب “مسؤولية جهات معادية للمغرب”، وترك باب الاتهام مفتوحا، ومعه تعددت الروايات بين عملي داخلي، ومسؤولية الجزائر ثم انتقام فرنسي من المغرب بسبب تسريب جهات معينة اسم مديرة المخابرات الفرنسية التي كانت معتمدة في الرباط.
وغاب كريس كولمان بعدما قررت إدارة تويتر توقيف الحساب في أعقاب نشره البريد الالكتروني لمغربية متزوجة من السفير الإسباني في الهند، ولم يعاود النشر كما كان يفعل سابقا عندما كان تويتر يجمد حسابه.
وتزامن غياب كريس كولمان مع انفراج العلاقات المغربية-الفرنسية، الأمر الذي يدفع الى الاعتقاد بوقوف جهات فرنسية وراء الحساب، ولكنه في الوقت ذاته، يمكن القول بأن الأمر قد يكون مناورة للتمويه.
ففي غياب تحقيق سياسي وأمني من خلال لجنة برلمانية وتقنيين في المخابرات والحروب الإلكترونية، سيبقى ملف كريس كولمان من الملفات الغامضة للغاية.