تواجه الجزائر تحديات خطيرة على رأسها ما وصف مسؤول استخباراتي سابق بثلاثية داعش ومرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتدني أسعار البترول. وتتجمع هذه العوامل الثلاث لتلقي بتساؤلات سياسية وقوية حول هذا البلد في وقت يرغب فيهع لعب دور استراتيجي في شمال القارة الإفريقية.
ورغم إقامته القصيرة في فرنسا من أجل العلاج خلال نهاية الأسبوع الماضي، إلا أن الخبر يشكل عودة التساؤلات القوية التي طرحتها جرائد جزائرية ودولية وخاصة في فرنسا والمغرب وتتلخص في: من يحكم الجزائر؟ والتساؤل ينطلق من كون الأخبار التي أصبحت حول بوتفليقة هي مرتبطة بوضعه الصحي وليس بأنشطته السياسية رغم ظهور أشرطة تكاد تكون صورا ثابتة في القنوات الجزائرية بحكم عدم تحرك الرئيس وعدم إدلاءه بأي تصريح.
وحالة بوتفليقة نادرة في تاريخ الدول خلال العقود الأخيرة، فقد كان هناك رؤساء مقعدون بفعل المرض ولكنهم كانوا يخاطبون شعوبهم بين الحين والآخر وخاصة عبر الراديو، إلا أنه لا يحدث في حالة بوتفليقة.
ويتجلى التحدي الثاني في انخفاض أسعار البترول في السوق الدولية، فجزء من السلم السياسي والاجتماعي في البلاد يقوم على استثمارات هامة للدولة في القطاع الاجتماعي، وهي استثمارات لا تخلق مناصب الشغل بقدر ما تمتص الغضب. وأصبحت الجزائر تعيش المعادلة التالية: كلما كانت أسعار النفط مرتفعة ساد السلم والهدوء باستثناء مطالب سياسية من أجل الإصلاح، وكلما انخفضت أسعار النفط ارتفعت الاحتجاجات.
وبدأت الدولة الجزائرية تعجز عن الاستمرار في النفقات الاجتماعية المرتفعة، وهو ما جعل مطالب فئات من الشعب ترتفع بشكل كبير خلال الشهور الأخيرة. وسيكون أمام الجزائر سوى اللجوء الى استثمار المدخرات المالية التي جمعتها من عائدات النفط خلال السنوات الماضية.
وتزيد الأزمة العالمية واعتماد الولايات المتحدة على نفطها من تراجع أسعار النفط في السوق الدولية، وهو ما سيجعل دولة مثل الجزائر يقوم اقتصادها على صادرات النفط بشكل كبير تواجه مشاكل إذا بقي في معدل أقل من 80 دولار خلال الشهور المقبلة.
ولم يغادر شبح الإرهاب الجزائر منذ الحرب الأهلية غير المعلنة في أوائل التسعينات، فهو يطل بين الحين والآخر، ويضع البلاد على خريطة الدول المهددة بهذه الآفة. ويزيد بيان داعش الذي ركز على الجزائر خلال هذه الأيام من المخاوف الأمنية. ويأتي تركيز داعش على الجزائر لسببين، سهولة الاستقطاب بحكم الماضي الإرهابي للعديد من الأشخاص وكذلك وجود جماعات في جنوب البلاد، والعامل الثاني هو الدور الذي تحاول لعبه الجزائر في شمال إفريقيا بمواجهة الحركات المسلحة في دول المنطقة مثل ليبيا وتونس ومالي.
ونقلت جريدة الخبر يومه الثلاثاء 18 نوفمبر عن الضابط السابق في جهاز المخابرات الجزائرية، سامي خلفاوي أن الجزائر تواجه شبح الاضطرابات على شاكلة سوريا ومصر جراء تجمع هذه العوامل الثلاث، مؤكدا استفحال الوضع بعد الانتخابات الرئاسية التي لم تساهم نهائيا في استقرار البلاد.