نجحت إسبانيا في تضمين مقترحات في أجندة قمة الحلف الأطلسي المقبلة تهم مخاوفها من شمال إفريقيا وأساسا توظيف الهجرة غير النظامية كسلاح وكذلك استعمال الطاقة للإبتزاز، وهي تلمح الى كل من المغرب والجزائر. في الوقت ذاته، تعتبر الحلف الأطلسي يوفر الحماية لسبتة ومليلية المحتلتين.
في هذا الصدد، كان وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألباريس قد أكد في عدد من المناسبات خلال الثلاثة أشهر الماضية، وآخرها الأربعاء من الأسبوع الجاري على ضرورة أخذ الحلف الأطلسي بعين الاعتبار مخاوف إسبانيا من قيام بعض الدول من توظيف موجات الهجرة غير النظامية للضغط على جنوب أوروبا وأساسا إسبانيا. وأعلن دراسة الحلف لهذه المطالب. في الوقت ذاته، شدد على ضرورة توفر الحلف الأطلسي على آليات مناسبة وسريعة لحماية إمدادات الطاقة وحتى لا تتحول الطاقة الى سلاح للابتزاز السياسي.
وتذهب وسائل الاعلام الإسبانية الى الحديث عن مصادر القلق لإسبانيا من طرف دولتين بحكم القرب الجغرافي المغرب والجزائر وكذلك على ضوء الأزمات التي اندلعت مؤخرا بين مدريد في مواجهة الرباط ثم الجزائر. وكانت الأزمة الأولى قد اندلعت بين المغرب وإسبانيا خلال الصيف الماضي على خلفية نزاع الصحراء. ورفضت مدريد موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، وتحركت في الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ضد القرار. وكان رد المغرب هو التساهل مع الهجرة في سبتة، حيث دخل منتصف مايو من السنة الماضية أكثر من عشرة آلاف مغربي في ظل 48 ساعة فقط.
وقتها، لجأت إسبانيا الى مؤسسات الاتحاد الأوروبي من مفوضية أوروبية وبرلمان وطالبت بضرورة دراسة الحلف الأطلسي توظيف الهجرة كسلاح سياسي لزعزعة استقرار دول أخرى.
ويتضمن مقترح إسبانيا مواجهة استعمال الدول للطاقة كسلاح للإبتزاز للضغط على دول أخرى ومنها تهديد استقرارها الاقتصادي لاسيما إذا كانت العلاقة التجارية قائمة على عقود تلزم الطرفين. وتأتي هذه التطورات على ضوء حدثين هامين، الأول وهو التشكيك في التواجد الروسي في غرب البحر الأبيض المتوسط الذي قد يهدد إمدادات الطاقة لدول جنوب أوروبا خلال الأزمات الكبرى. في الوقت ذاته، يتزامن المقترح مع التوتر الحاصل في العلاقات بين إسبانيا والجزائر على خلفية الصحراء ومن ضمنه تخوف مدريد من استعمال الجزائر ورقة الغاز. وكما سيحدث لألمانيا في حالة وقف روسيا للغاز، أي الحكم بوضع اقتصادي سيء للغاية على الصناعة التي قد يتوقف نصفها، قد يجري مع إسبانيا إذا أوقفت الجزائر صادرات الغاز مع انعكاسات اجتماعية كبيرة.
وأوضح المسؤول الدبلوماسي أن القلق لا يساور فقط إسبانيا من الحدود الجنوبية للحلف الأطلسي بل كذلك دول أوروبية أخرى التي تقاسم مدريد الرؤية نفسها.
ويبقى المثير أنه ألمح الى أن دفاع الحلف الأطلسي عن سبتة ومليلية المحتلتين لا يستوجب أي إشارة في الوثيقة النهائية بحكم أن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ، ينس ستولتنبرغ ، قد أوضح بالفعل أن “كل سنتيمتر من إن أراضي الحلفاء مضمونة تمامًا بتضامن جميع الدول الأعضاء في الناتو “. وبهذا يشير إلى أن الحلف يشمل المدينتين بحمايته، وهو موقف جديد يصدر لأول مرة. وكان رئيس الحكومة بيدرو سانشيس قد أعلن في البرلمان منذ أسبوعين أنه طلب من ملك المغرب الملك محمد السادس التوقف عن استعمال صفة المحتلتين في التعاطي مع سبتة ومليلية. ولم يصدر أي توضيح من طرف الرباط.
وإذا كان وزير الخارجية ألباريس يتحدث عن الخطر القادم من الجنوب دون تسميته فقد كانت وكالة أوروبا برس واضحة منذ ثلاثة أسابيع عندما نقلت أن المستهدف بالهجرة هو المغرب وبالطاقة هي الجزائر.
ورغم المصالحة التي حدثت بين المغرب وإسبانيا بعد إعادة الأخيرة النظر في نزاع الصحراء والترحيب بالحكم الذاتي، إلا أن الدولة العميقة في إسبانيا تنظر بعيدا وتحاول التسلح بدعم وإجراءات غربية سواء وسط الاتحاد الأوروبي أو الحلف الأطلسي لمواجهة أي طارئ قد يحصل مستقبلا.
في الوقت ذاته، يسود تخوف كبير إسبانيا من تطور الأزمة مع الجزائر إلى تعليق كلي لصادرات الغاز، ولهذا ارتأت، كما نقلت جريدة الباييس منذ أيام الرهان على تهدئة الأوضاع مع الجزائر في الأزمة الحالية.
ويوجد ترقب هل ستقبل قمة الحلف الأطلسي المقبلة التي تعتبر حاسمة في صياغة مفهوم جديد للأمن القومي الغربي على ضوء الحرب الروسية ضد أوكرانيا، اعتبار الجنوب مصدر خطر بسبب الهجرة والطاقة، وكذلك هل سيقبل بأطروحة إسبانيا بأنه يوفر الحماية لسبتة ومليلية على ضوء تصريحات الوزير ألباريس.