ترغب الحكومة الإسبانية في مصادقة البرلمان ومجلس الشيوخ بشكل سريع على قانون يحد من “العدالة الكونية” لوقف ملاحقة القضاء لمسؤولين سياسيين وأمنيين في دول أخرى مثل الصين والولايات المتحدة، ويجهل مدى استفادة مسؤولين مغاربة من هذا الإجراء والذين يلاحقهم القضاء الإسباني في ملف الصحراء. وفي المقابل، يراهن الصحراويون الموالون للبوليساريو نقل بعض الدعاوي أمام القضاء الفرنسي كما فعلوا مع ملاحقة مدير المخابرات المغربية عبد اللطيف الحموشي أمام هذا القضاء الأوروبي.
وكانت حكومة ماريانو راخوي قد تقدمت بمشروع قانون الى مجلس النواب الإسباني لتعديل قانون “العدالة الكونية” الذي يخول للقضاء الإسباني ملاحقة مسؤولي دول أخرى في حالة ارتكابهم جرائم ضد الإنسانية. وجرت المصادقة عليه الخميس الماضي بفضل الأغلبية التي يتوفر عليها الحزب الشعبي الحاكم بينما عارضته جميع باقي القوى السياسية بدون استثناء.
وينقص هذا المشروع مصادقة مجلس الشيوخ عليه ليصبح ساري المفعول، وتجد الحكومة إشكالا في هذا المجلس بسبب عدم برمجة جلسات خاصة بدراسة هذا القانون للتصويت عليه. وقد تلجأ الحكومة الى مسطرة الاستعجال للمصداقة عليه. وترغب الحكومة في المصادقة على القانون قبل 21 مارس الجاري لوقف مجموعة من الملفات القضائية ضد مسؤولين في المحكمة الوطنية في مدريد المكلفة بالقضايا الكبرى ومنها جرائم ضد الإنسانية وإجالتها على الأرشيف.
وفي حالة المصادقة عليه في مجلس الشيوخ، سيتم إحالة الكثير من الدعاوي ضد مسؤولين دوليين على الأرشيف، وهو ما يثير اعتراض المعارضة بزعامة الحزب الاشتراكي التي تهدد باللجوء الى المحكمة العليا لوقف مشروع الحكومة.
وجاء قرار الحكومة باستعمال البرلمان بمجلسيه لتعديل “العدالة الكونية” بعدما أصدر القضاء الإسباني مذكرة اعتقال في حق الرئيس الصيني السابق زيمينغ بتورطه في جرائم ضد الإنسانية في إقليم التبت. واحتجت الصين بقوة بل ووصل الأمر الى التهديد بإجراءات ضد اسبانيا.
وفي حالة مصادقة مجلس الشيوخ على القانون، سسيتم مباشرة إحالة عدد من الملفات التي يحقق فيها القضاء الإسباني بتهم جرائم ضد الإنسانية على الأرشيف. ولن تتم ملاحقة مسؤولين صينيين وكذلك مسؤولين أمريكيين بتهمة التعذيب في غوانتانامو ضد اسبان ومغاربة.
وعلاقة بالمغرب
ويلف نوع من الغموض انعكاس تعديل قانون “العدالة الكونية” على مسؤولين مغاربة في ملف خروقات حقوق الإنسان. وأبقى القانون بابا للمحاكمة الدولية إذا كان الضحايا اسبان. في هذا الصدد، توجد عدد من الملفات ضد مسؤولين مغاربة ومنهم الجنرال حسني ابن سليمان مرفوعة من طرف صحراويين يتوفرون على الجنسية الإسبانية.
ويذكر أن الكثير من الصحراويين الذين تعرضوا لخروقات حقوق الإنسان بل ويعتبرون في عداد المفقودين كانوا يحملون الجنسية الإسبانية قبل سنة 1975 والبعض منهم استعادها لاحقا، وهذا ما سيجعل ملاحقة بعض المسؤولين المغاربة مستمرة وإن كان بشكل أقل. وبحكم استعمار اسبانيا للصحراء قبل سنة 1975، فقد كانت تعتبر الصحراويين اسبانا.
ووعيا بهذه التطورات، وبدون التخلي عن القضاء الإسباني، يختار الصحراويون الموالون للبوليساريو الآن الرهان على القضاء الفرنسي بشكل كبير لملاحقة المسؤولين المغاربة المفترض تورطهم في جرائم ضد الإنسانية في الصحراء والتعذيب عموما.
وتبقى حالة مدير المخابرات المغربية، عبد اللطيف الحموشي المثال البارز الذي يلاحقه القضاء الفرنسي بتهمة التعذيب، ومن الملفات المرفوعة ضده، ملف يتعلق بصحراوي محكوم عليه بعشرين سنة.
وقبول القضاء الفرنسي ملاحقة الخموشي، يجعل الآن أنصار البوليساريو يغيرون قضاء مدريد بباريس.